إن المخلفات الزراعية التى تنتج فى المزارع كل عام من أحطاب – قش – عروش وروث الماشية وزرق الطيور ثروة يمكن إستغلالها بشكل كبير تدرعلينا الكثير من المردود الإقتصادي والبيئى إذا ما تم إستغلالها الإستغلال الأمثل، حيث يمكن إعادة تدويرها، وإنتاج سماد عضوي يمكن أن يسهم في خدمة النهضة الزراعية الشاملة التي تشهدها الدولة بجانب العديد من المنتجات الأخرى التي يمكن إستخراجها من تلك المخلفات مثل الطاقة والأعلاف الغير تقليدية وكذلك صناعة الأخشاب والفحم إلى جانب منتجات حيوية كثيرة إذا ماطبقت تكنولوجيات أعلى لإنتاج المركبات النانوية والحيوية ذات العائد العظيم والتكنولوجيا المتقدمة.
إلا أن إحصاءات العام الماضي كشفت وجود هدر لأكثر من 67 % من هذه المخلفات حيث بلغ حجم المخلفات الزراعية التي تم تجميعها – تزيد على 35 مليون طن مترى سنويا خلال الأعوام الماضية. بينما يبلغ حجم ما تم تدويره من هذه المخلفات نحو 33% فقط من مجموع المخلفات وهي نسبة ضئيلة جدا مقارنة بما تسعى إليه الإستراتيجية الجديدة للتدوير والتي تهدف إلى زيادة نسبة الإستفادة من المخلفات الزراعية إلى أكثر من 95% وتحويلها إلى منتجات ذات مردود اقتصادي عالى وكذلك توفير فرص عماله بالقطاع الزراعى للشباب ورفع المستوى الصحى والإجتماعى بالريف المصرى حيث أنه لو تركت هذه المخلفات على الأسطح أو فى المزارع يكون لها أخطار كثيرة مثل:
1 – تكون مرتع للحشرات والقوارض والثعابيين.
2 – خطر إنتشار الحرائق الكارثية.
ولذلك فإن عملية تدوير مخلفات المزارع يكون له عوائد بيئية وإقتصادية ومجتمعية عديدة.
المردود الإقتصادى والبيئي لتدوير مخلفات المزارع:
إن عملية حرق المخلفات الزراعية يعتبر إهداراً لطاقة جديدة ومتجددة وإنبعاثات لغازات ملوثة مثل ثانى أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون والهيدروكربونات والأكاسيد النتروجينية والتى تسبب العديد من الأمراض والمشاكل الصحية والتى تساعد كذلك على حدوث مشاكل بيئية مثل تكون السحابة السوداء فى أشهر سبتمبر وأكتوبر عند حرق قش الأرز وكذلك فإن حرق المخلفات مع العوادم الصناعية لها دور فى مشكلة ثقب الاوزون وكذلك حدوث الأمطار الحمضية التى تؤثر بالسلب فى تلوث الهواء والتربة والمياه. ويكفي أن نعرف أن كل طن محصول ينتج عنه من 5 إلي 6 أطنان من المخلفات وهي بالأساس منجم لمواد عضوية حيث أن 50 % منها عبارة عن مكونات عضوية وعناصر سمادية من النتروجين والفسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنسيوم والعناصر السمادية الصغرى مثل الحديد والنحاس والزنك والموليبدنم وغيرها حيث تم إستخدام كميات هائلة من الأسمدة الكيماوية والمياه والجهد البشري لإنتاجها .وتعد عمليات حرق بقايا المحاصيل التي يقوم بها بعض المزارعين بعد الحصاد من الملوثات في المكونات الحيوية والعضوية في التربة وذلك نتيجة لتأثيرها السلبى عند حرقها على خواص التربة الطبيعية والكيمياوية مثل التهوية ومستوى الرطوبة، وخفض المحتوى الميكروبى فى الطبقة السطحية للتربة .ولحرق مخلفات المزارع فاقد إقتصادى وأثر بيئى سيئ فلو إعتبرنا أن 67% من المخلفات يتم حرقها فهذا يعنى أننا نحرق 23 مليون طن مخلفات محاصيل لو تم تصنيعها لإنتاج السماد العضوى فإنه يعنى أننا نخسر سبعة بلايين جنيه كل عام وينتج عنها ملايين الغازات الملوثة للجو ونفقد فى نفس الوقت ملايين الأطنان من المادة العضوية والتى يجب أن يتم تدويرها للتربة الزراعية الفقيرة أصلا فى محتواها من المادة العضوية والدبال. ناهيك عن العناصر السمادية الكبرى والصغرى التى تفقد بعملية حرق هذه المخلفات.
وتعتبر المخلفات الزراعية ثروة إقتصادية كبيرة إذا ما أحسن إستغلالها والإهتمام بها، فلا يجب أن يتم حرقها أو رميها فى الطرقات أو المجارى المائية. لكن نقص الوعي لدى بعض المزارعين، وعدم إلتزام البعض الأخر منهم بالآليات المتبعة للتخلص من المخلفات الزراعية، وذلك من خلال الرمي والحرق العشوائي ساهم في هدر أكثر من 67% من هذه المخلفات التى تحتوي على ملايين الأطنان من المادة العضوية والعناصر السمادية ذات القيمة الإقتصادية العالية جدا بحسب الدراسات التى أجريناها – هذا بخلاف الآثار السلبية السيئة التي تضر البيئة والصحة العامة للإنسان والحيوان. مما يكلف الفرد والمجتمع تكاليف باهظة.
وتعرف المخلفات الزراعيه بأنها منتجات ثانويه داخل منظومة الإنتاج الزراعى التى يجب تعظيم الإستفاده منها بتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة بعمليات البيوتكنولوجى المتاحة حاليا لإنتاج مواد هامة جدا مثل النانو فايبر التى تدخل فى الصناعات الدقيقة والتى يتعاظم قيمتها المادية مئات المرات عما لو تم إستخدام المخلفات بطرق المعالجة التقليدية. كذلك إنتاج السليولوز والهيميسليولوز وكربوكسى مثيل سليولوز واللجنين بحالة نقية وكلها مواد لها قيمة مضافة و مردود إقتصادى عالى جدا. وهل تعلمون حضراتكم أن سيارات مرسيدس يدخل فى مكوناتها 14% من ألياف ثمار جوز الهند والتى تماثل مخلفات نخيل التمر التى نتعامل معها للأسف لتصنيع حبال التربيط وحبال لربط الحيوانات.
وحيث أن من أهداف السياسة العامة للدولة المحافظة على البيئة والإستخدام الإقتصادى الأمثل للمخلفات الزرا عية وخاصة قش الأرز بدلاً من حرقه مما يؤدى إلى زيادة التلوث البيئي كأحد مسببات ظهور السحابة السوداء على القاهرة الكبرى،ونظرا للتوسع الهائل في إستصلاح الأ ارضي الصحرا وية من جهة ، والجهود الكبيرة التي تبذل على المستوى المحلى والعالمي ، بشأن المحافظة على البيئة من الملوثات الناتجة عن عدم الإستخدام الأمثل للمخلفات الزر ا عية.
إنتاج الأسمدة العضوية من مخلفات المزارع:
يجب الإستفادة من المخلفات الزرا عية والتى تصل الى حوالى 35 مليون طن سنويا أن تساعد فى سد النقص من الأسمدة العضوية المطلوبة والتى تشير معظم الد را سات إلى أن مصر تحتاج سنوياً إلى مايزيد عن 350 مليون متر مكعب من الأسمدة العضوية نتيجة التوسع الأفقى فى الأرا ضى المستصلحة. و تعتبر المخلفات الزرا عية ثروة يجب الحفاظ عليها ويرجع ذلك إلى أن مصر من الدول الفقيرة فيما يسمى بطاقة “الكتلة الحية وهي عبارة عن الأشجار والغابات والمخلفات النباتية؛ حيث أن المساحة المزروعة من مصر لا تمثل إلا 4% من قيمة المساحة الكلية لمصر وأن 97% من أراضى مصر صحراوية تحتاج لكل هذه المواد العضوية فى بناء تربة خصبة منتجة .
كذلك إن معالجة مخلفات المزارع العضوية وتدويرها بطرق سليمة يحسن البيئة تماما وذلك للسيطرة على الغازات المتصاعدة مثل غاز الميثان الذى يؤثر سلبا على جودة الهواء 21 مرة مقارنة بغاز ثانى أكسيد الكربون. كذلك الأكاسيد النروجينية التى تؤدي إلى ثقب طبقة الأوزون …..وغيرها الكثير من الأثار السلبية لحرق المخلفات أو رميها فى مكبات النفايات دون أدنى فائدة تذكر من تدويرها.
أهمية الأسمدة العضوية :
تلعب الأسمدة العضوية دورا مهما في تحسين خواص التربة حيث أنها تكون مع مكونات التربة الأخرى بيئة جيدة لنمو النباتات إضافة إلى أنها تقوم بتجهيز النبات بالعناصر الغذائية مما تؤدي إلى زيادة خصوبة التربة وزيادة نشاط الميكروبات بها وبالتالي زيادة الإنتاج .
دور الأسمدة العضوية في تحسين إنتاجية التربة يكون من خلال :
- تحسين الخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للتربة.
- زيادة قابلية التربة على الإحتفاظ بالماء وبالعناصر الغذائية وزيادة كفاءة إستخدامها من قبل النبات
- تعتبر مصدر غذائي للأحياء الدقيقة مما تزيد من نشاطها وأعدادها في التربة .
- تزيد من جاهزية العناصر الغذائية المضافة للتربة من خلال الأسمدة المعدنية.
فالأسمدة العضوية لها دور فاعل ومباشر في زيادة خصوبة وإنتاجية التربة ، والى وقت قريب كانت هي المصدر الوحيد كمخصب للتربة وكانت جميع الزراعات في حينها هي زراعة عضوية لم تستخدم فيها أي من الأسمدة المصنعة ، ولكن إستعمالها كمصدر وحيد لتجهيز التربة بالعناصر الغذائية وإعادة خصوبتها قد إنحسر عندما ظهرت الأسمدة المعدنية ( الكيميائية) وإنتشرت على نطاق واسع وذلك خلال القرن التاسع عشر ، حيث إتجه المزارع لإستخدام هذه الأسمدة بسبب تأثيرها السريع والمباشر في نمو النبات ومضاعفة الإنتاج وهناك أسباب أخرى دعت لإستخدام الأسمدة المعدنية منها تدهور التربة وتقليص المساحات الصالحة للزراعة وزيادة عدد السكان والطلب على الغذاء وغير ذلك. وبالرغم من ذلك فالبحوث والدراسات أثبتت انه لا يمكن الإستغناء عن الأسمدة العضوية المتحللة بشكل كامل والمعالجة حراريا وخاصة في الترب الخفيفة القوام ( مثل الترب الرملية والترب الصحراوية ضعيفة أو عديمة البناء ) وكذلك الترب الثقيلة قليلة أو عديمة النفاذية . فالأسمدة العضوية لها دور مهم في تحسين خواص التربة إضافة إلى أنها تقوم بتجهيز النبات ببعض العناصر الغذائية المهمة التي يحتاجها خلال فترة حياته وهي أسمدة نظيفة وغير ضارة بالبيئة وليس لها ضرر على الإنسان أو الحيوان أو للتربة إذا تم معالجتها حراريا بطريقة سليمة ، على أن تكون متحللة بشكل كامل ومعالجة حراريا وخالية من المسببات المرضية وبذور الحشائش .
فوائد إضافة الأسمدة العضوية للتربة:
للأسمدة العضوية فوائد عديدة منها:
- إنها أسمدة نظيفة غير ملوثة للبيئة ولا تسبب أي أضرار للإنسان أو الحيوان ، ويستثنى من ذلك الأسمدة التي تحتوي على عناصر ثقيلة سامة كالأسمدة الناتجة من مخلفات الصرف الصحي الصلبة.
- تجهيز النبات بعناصر غذائية طبيعية وبعض الأنزيمات والأحماض الامينية والعضوية والسكريات المتعددة ومنظمات نمو وغيرها من المركبات التي تساهم في زيادة الإنتاج.
- زيادة كفاءة إستخدام الأسمدة المعدنية وبنفس الوقت يمكن الإستغناء عن إستخدام الأسمدة المعدنية إذا ما كانت الأسمدة العضوية تحتوي على عناصر غذائية تسد حاجة النبات، وفي جميع الأحوال فإن إستخدام الأسمدة العضوية يؤدي إلى خفض كمية الأسمدة المعدنية المستخدمة.
- تحسين الصفات الفيزيائية والكيميائية والحيوية للتربة.
- زيادة السعة التبادلية للتربة، وبذا تعتبر مخزن لحفظ العناصر الغذائية الجاهزة للنبات والمحافظة عليها من الفقد عن طريق الغسل ، إضافة إلى أنها تزيد من قابلية التربة للإحتفاظ بالماء.
- المحافظة على النظام الحراري للتربة، حيث أنها تعمل كمنظم حراري لمحيط التربة خلال درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة وبالتالي خلق ظروف ملائمة لنمو النبات .
- المحافظة على درجة حموضة التربة ( pH ) ضمن مدى ملائم لنمو النبات وجاهزية العناصر الغذائية وإمتصاصها من قبل النبات.
- زيادة أعداد وفعالية الأحياء الدقيقة في التربة.
- تعمل على تغليف العناصر الغذائية حيث تصبح على شكل معقدات غروية جاهزة للإمتصاص من قبل النبات وعدم تثبيتها في التربة.
- تعمل على زيادة تفكك التربة الطينية وتماسك التربة الرملية وفي كلا الحالتين تحسن من صفات التربة.
د كتور/محمد على بدوى – أستاذ علوم الأراضي – معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة – مصر
مدير عام مصنع الإمارات للأسمدة البيولوجية – أبوظبى