فى الأونة الاخيرة بدأ إستخدام بعض العقاقير الطبية فى أغراض أخرى فى الإنتاج الحيوانى غير التى صنعت من أجلها مما أدى إلى بعض المشاكل المرضية الجديدة التى ظهرت فى الإنسان .
ومن أهم هذه العقاقير منشطات النمو (الهرمونات) ، المهدئات و مبيدات الأفات.
– أولا – منشطات النمو (الهرمونات): بدأ إستخدام الهرمونات فى الولايات المتحدة الأمريكية فى الإنتاج الحيوانى عام 1947 وخصوصا فى الأبقار والخراف والدجاج ويطلق على هذه المواد لفظ منشطات النمو ، وتشمل منشطات النمو المستخدمة فى مجال واسع بالإنتاج الحيوانى التستستيرون والبروجيستيرون والزيراتول وخلات التربثولون. وعادة ما تستخدم الهرمونات الصناعية لهذا الغرض وأهمها داى إيثيل إستلبسترول والهكساسترول وتمنع معظم دول العالم هذه المركبات الأيستروجينية المصنعة لخطورتها على صحة المستهلك حيث أعتبر مركب داى إيثيل إستلبسترول مادة سرطانية للإنسان وحيوانات التجارب. أأ
– ولا تستخدم عادة مثل هذه العقاقير فى أبقار اللبن والدجاج البياض، ويقال أنه فى مصر تستخدم حبوب منع الحمل لهذا الغرض لإنخفاض ثمنها وإمكانية الحصول عليها بسهولة .
– وتؤثر منشطات النمو الهرمونية على سرعة النمو عن طريق زيادة معدل الوزن اليومى وكذلك تحسين معدل الكفاءة الغذائية وجودة الذبيحة وتقليل العلائق المستخدمة وبهذا يصبح العائد الإقتصادى أكثر. وإذا حسن إستخدام منشطات النمو بالأبقار فإن الأثر التراكمى لا يتعدى (1) نانو جرام لكل جرام نسيج حيوانى وقد تغاضت لجنة خبراء الإضافات الغذائية بالأمم المتحدة عن الهرمونات الطبيعية مثل الأستيراديول والبروجيسترون والتستستيرون حيث لا تشكل هذه الهرمونات أهمية إذا ما قورنت بالهرمونات الصناعية ذات الأثر التراكمى الشديد وكذلك لعدم القدرة على مقارنتها بالهرمونات الطبيعية بالجسم.
– تؤثر منشطات النمو على الصفات الجنسية حيث أن تواجدها فى الغذاء قد يخل من التوازن الهرمونى فى جسم الإنسان إلى جانب إحتمالية أثرها السرطانى . ولا شك أن المتبقيات بالأنسجة والتى تصل إلى واحد جزء بالبليون تشكل خطورة على صحة المستهلك والأخطر من ذلك عدم إمكانية إكتشافها بالأجهزة المتقدمة جدا ، ومن هنا تبرز أهمية الوقت اللازم لإخراج هذه الهرمونات من الجسم والتركيز على حقن هذه الهرمونات فى منطقة محددة بالجلد حيث يتم حقنها تحت الجلد بالجانب الخارجى للأذن قريبا من قاعدتها وذلك للمحافظة على صحة الإنسان وخاصة أن الأذن يتم التخلص منها . وبالحقن الصحيح للهرمونات تصبح المتبقيات باللحوم تقترب من النسبة الطبيعية الموجودة بالحيوانات غير المعالجة إذا تم إعطاؤها بالكميات المناسبة وعدم إعطاؤها فى الشهر الأخير قبل الذبح.
– ثانيا- المهدئات :
تستخدم المهدئات للتحكم فى عدوانية الحيوانات نتيجة لحبسها فى مكان ضيق إما تقليلا للتكاليف أو لعدم وجود مراعى طبيعية ، كما أن تهدئة الحيوان تزيد من معدل وزنه وكذلك تحسن من صفات اللحم الناتج. كما تستخدم المهدئات للحيوانات قبل نقلها للذبح ، حيث تبقى الحيوانات طيلة حياتها بدون حركة تقريبا وفجأة تنقل للذبح فى عربات كبيرة مما يعرض هذه الحيوانات للخوف والإعياء لدرجة أن نسبة منها تنفق قبل أن تصل للمجازر.
– وبالفعل يضاف عديد من المهدئات (خصوصا الفاليوم والليبريوم) للعليقة أويحقن بها الحيوان ليهدأ أوتزيد قابليته للأكل وتقل حركته وبذلك يزداد معدل الأستفادة من العليقة . ولقد أستخدمت هذه العقاقير بإسراف شديد لعجول التسمين التى تعيش دورة التسمين كاملة دون أن تتحرك والتى يزيد وزنها لدرجة أنها تصاب بتشوهات فى الهيكل العظمى بما تحمله من شحم ولحم ثم تنقل إلى المجازر مرة واحدة فيموت بعضها إلا إذا تم حقنها بمهدئات بكمية تكفى لتهدئة الحيوانات الخائفة والثائرة.
– وإختلف العلماء على معدل خطورة هذه الكميات حيث يعتقد البعض أن إعطاء المهدئات بطريقة سليمة لن يكون ذو أثر ضار بصحة الإنسان لأن البقايا ستكون غير ذو أثر، وعلى أى حال ليست كمية بقايا المهدئات والهرمونات التى يأخذها الإنسان فى وجبة هى التى تمثل خطورة ولكن الخطورة تكمن التأثير التراكمى لمثل هذه البقايا.
– ثالثا- مبيدات الأفات:
يقصد بمبيدات الأفات حسب الأفة المراد القضاء عليها إلى مبيدات الحشرات ، مبيدات الأعشاب ،مبيدات الفطريات ومبيدات القوارض . وترجع خطورة هذه المواد أنها تخزن فى جسم الإنسان أو الحيوان فى الأنسجة الدهنية ويمكن أيضا أن تفرز فى اللبن . وتتلوث الأسماك بالمبيدات الحشرية التى تنزل مع ماء الصرف وتتركز فى الأعشاب البحرية والأحياء الدقيقة ومنها إلى الأسماك ، بالإضافة إلى ما تأخذه الأسماك مباشرة من الماء ، والأسماك هى غذاء الطيور والإنسان ، كما أنها تستخدم فى صورة مساحيق الأسماك لغذاء الحيوان .
– ويمكن القول عموما بأن إرتفاع نسبة الدهن فى الأسماك يزيد من فرصة احتوائها على نسبة أعلى من المبيدات الحشرية أى أن الأسماك الدهنية تحتوى على تركيزات أعلى من المبيدات الحشرية بالمقارنة بالأسماك الأخرى.
– وتعد المركبات الهيدروكربونية الكلورية أهم مجموعة فى مبيدات الحشرات ومنها الألدرين و الألدرين الثنائى و ترجع سمية المبيدات المحتوية على الكلور فى أنها تخزن فى الدهن حيث تسبب تهيجا للجهاز العصبى و إضطرابا فى تمثيل الصوديوم والبوتاسيوم داخل الجسم ، ولقد قامت كثير من دول العالم بتقليل أومنع تلك المبيدات لاحتمال كونها مواد سرطانية . وتشكل المركبات الفسفورية العضوية معظم مبيدات الحشرات مثل البروموفوس ، الكومافوس والديزانون ، وتختلف هذه المركبات فى درجة سميتها وهى عموما أقل سمية من المبيدات المحتوية على الكلور حيث يمكن للإنسان تحويلها إلى مركبات أخرى غير سامة والتخلص منها من خلال البول . ويوجد نوع ثالث من المبيدات يطلق عليه إسم كرباميت وهى مركبات قصيرة العمر أى أنها تختفى بسرعة من البيئة وتعتبر أقل سمية من المبيدات الأخرى . كما تقوم بعض الهيئات المتخصصة بوضع جداول توضح الحدود المسموح بها فى بعض دول العالم كما تقوم أيضا بتقييم الأنواع الجديدة من المبيدات ودراسة سميته ومدى بقائه فى جسم الإنسان.
– إن الإستخدام السيىء للعقاقبر الطبية مثل المضادات الحيوية ومنشطات النمو ومثبطات الغدة الدرقية وخاصة بالدواجن والخنازير يجعل من الضرورى وضع برنامج رقابى للوقوف على مدى تلوث اللحوم ومنتجاتها بهذه الملوثات وذلك للحفاظ على صحة المستهلك ، ولذلك يجب أن تكون هناك علاقة وثيقة بين القائمين على صناعة الأعلاف والإنتاج الحيوانى وبين الهيئات المسؤلة عن تقييم هذه العقاقير.
د/ ياسر عبد النبى عبد الحكيم – باحث أول صحة الأغذية – معمل فرعى الأسكندرية – معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – مصر