عادل أبو بكر عثمان يكتب : التكامل المصرى السودانى .. افيقوا من الثبات العميق (1- 2 )
عندما تحدثنا سابقا عن التكامل الزراعي بين السودان ومصر وفشل الحكومات منذ أن نال السودان ومصر استقلالهم في الخمسينيات من القرن الماضي ، وعندما نتحدث عن كلمة ومعني التكامل القصد منه التعاون المثمر البناء الذي يحقف مصالح ومنافع متبادلة وليس وصاية أو مصلحة دولة علي أخري ، إنها ياسادة مصالح مشتركة..
السودان بجانب ثرواته الطبيعية المتعددة يتملك خبراء في الزراعة والثروة الحيوانية ، لقد قام النظام السابق باجتهاد كبير علي تخريب العلاقات المصرية السودانية وعمل علي تشويه السمعة المصرية للرأي العام السوداني بأن مصر تضمر الشر للسودان وشعبه وصورها بأبشع الصور بانها دولة ظالمة تحتل الاراضي السودانية وتريد أن تهيمن علي مياه النيل منفردة وتعاون السودان مع اثيوبيا في مفاوضات سد النهضة ضد مصالح البلاد الشخصية للنيل من مصر.
وأصبح السودان الآن في ورطة كبيرة بعد قيام السد وإعلان إثيوبيا منفردة علي ملئ الخزان .. وأثيوبيا تتنصل الأن من اتفاق وثيقة الخرطوم التي مضت عليها والتي تمت في ديسمبر ٢٠١٥ وقضت بعدم البدء في ملء الخزان الا بعد الأتفاق مع السودان ومصر ! وهو بند لا تريد أثيوبيا أن تلتزم به الأن
ونتيجة لأخطاء فنية لا تستطيع اثيوبيا توفير ومد الطاقة الكهربائية للسودان بسبب أخطاء فنية وخروج اثنين من التروبينات من الخدمة وسوف يولد السد طاقة اقل من ٢٠٠٠ ميغاواط بدلا من ٦٠٠٠ ميغاواط كما هو متفق.
تأثير سد النهضة :
وعن توافر اراض زراعية خصبة بعد قيام السد وجد النظام السابق مبرارات لتعاونه مع الجانب الأثيوبي وأصبح كلام في مهب الريح لأن الحقيقة السودان يمتلك اراض زراعية هائلة لم يستثمر منها إلا جزء بسيط وليس في حاجة لاراض زراعية أخري يوفرها سد النهضة الاثيوبي وتأثيرات سد النهضة على نهر النيل على وجه العموم ، وتحديداً تأثير السد على النيل الأزرق ، وتعتبر حوالى ٧٠ ٪ من الزراعات المروية بالسودان ، التي تخدم ٤٠ مليون سوداني متركزة بالنيل الأزرق
ومن اضرار سد النهضة أن سعة السد تعادل مرة ونصف الإيراد السنوى للنيل الازرق، ولذلك سيحدث تغييراً في هيدرولوجيا وهيدروليكا النهر ، وكذلك يحدث تغييراً في عملية الإطماء، الذي سيؤثر بدوره على البنية الأساسية واستخدامات الأراضي والسكان والتوازن البيئي للنيل الأزرق .
إن الخلافات السياسية و خاصة المتعلقة بالحدود يمكن أن تحل بالعقل والمفاوضات الجادة وعدم الإثارة والفوضي التي تؤثر بالسالب علي علاقات الشعوب لقد حملت حكومة حمدوك الحالية ارث ثقيل جدا بعد تخريب الاقتصاد السوداني وتخريب العلاقات الدولية.
إن النظام البائد الظالم لأهل السودان استطاع بكل بساطة أن يرتكب أكبر جريمة في حق السودان ويفصل الجنوب وفقد أكثر من ٧٠% من دخله القومي لقد خاض النظام السابق حروب ضد اهله في الجنوب ودارفور بدون مبرر ولا يخلو أي بيت سوداني من اليتامي والأرامل الثكلي وراح ضحية تلك الحروب ٢مليون ومئتان ألف سوداني من خيرة الشباب ويرقصون علي دمائهم وقبورهم برقصة عرفت باسم رقصة الشهيد حتي وصف الرئيس المخلوع بالرئيس الرقاص لقد تم تشريد قبائل وقري كاملة واكثر من ٥ مليون نازح هذا بالإضافة الى التعمد في تخريب الاقتصاد القومي بطرد الكفاءات وتمكين عناصر الحزب والكوادر الغير مؤهلة لإدارة البلاد مما أدي إلي تدهور الاقتصاد تفشي الفساد والمحسوبية وإنهيار تام للقطاعات الطبية والصحية والتعليم بالسودان وهذه الجائحة عرت الوضع الصحي في البلاد وأصبح جليا امام الشعب السوداني.
التخريب يطول مشروع الجزيرة ..عمود الاقتصاد الوطنى :
كما تم تخريب وتدمير أكبر كيان اقتصادي زراعي وهو مشروع الجزيرة العمود الفقري للاقتصاد الوطني ولا ننسي تدمير السكة الحديد و الخطوط الجوية السودانية والخطوط البحرية بيع الاصول داخليا وخارجيا ونهب أموالها وتشريد المستثمرين وفرض جبايات كثيرة علي المواطن والمستثمر مما أدي الي هروب وفرار الكثيرون من ويلات تلك الجبايات.
والمؤسف أنه تم تدمير أفضل جامعة علي مستوي العالم وهي جامعة الخرطوم وتخريب التعليم وأصبح التعليم مستواه متدنيا في السودان .. أين أموال النفط والتي تقدر بمليارات الدولارات؟ من أهم انجازات النظام السابق أنه استطاع بجدارة أن يعزل السودان اقتصاديا وسياسيا وجعل وصمة عار عليه باأها دولة راعية للارهاب وأصبح في عزلة تامة محظورا اقتصاديا.
لا اود أن أخوض كثيرا في تعدد مصائب النظام السابق ولكن اطلب من الحكومة السودانية أن تعمل علي نهضة البلاد ولا مفر من التفكير في نهضة القطاع الزراعي نهضة حقيقية وليست النفرة الخضراء الكاذبة التي كان يطلقها النظام البائد ، ويجب تطوير تلك المنظومة ووضع سياسات واضحة وقوانين لحماية وتحفيز المزارعين والمستثمرين وفتح افاق الاستثمار في الزراعة ومدخلاتها ومكملاتها .
علي كل والي ولاية تسليم وزارة الزراعة خارطة لتوزيع الأراضى الزراعية وبأسعار رمزية مع توفير بنيات أساسية لتلك المشاريع وايجاد تشريع وقانون تنظيم للمنتفع بعدم بيع أو ايجار الأرض الزراعية التي منحت إليه وزراعتها خلال فترة زمنية محددة وإذا فشل في زراعتها يتم نزع الأرض وتمكينها لمن لديه رغبة.
وعلي مستوي الافراد تعطي مساحة محددة لا تتجاوز ١٠ فدان بعد أن يقوم بزراعتها وبصورة جيدة يحق له المطالبة بأرض أخري حتي لا نفتح الباب للمتاجرة بأراضى الدولة لا تستعجل الدولة في تحصيل الجبايات .. سوف تعود الفائدة بصورة عامة للاقتصاد الوطني.
وللحديث بقية بإذن الله ..