الدكتورة نجوى أبوزهرة تكتب : سمية المعادن الثقيلة ومخاطرها على الإنسان و البيئة

المعادن الثقيلة هي عناصر طبيعية موجودة في القشرة الأرضية ولا يمكن تحللها و لديها خصائص معينة ،مثل أن تكون كثافتها الذرية أثقل من 5 جرام لكل سنتيمتر مكعب ولها رقم ذري أكبر من 20 . بعض المعادن الثقيلة، مثل النحاس و الزنك و السيلينيوم، مفيدة للكائنات الحية و لكن الحصول على الكثير منها،قد يسبب اعراض مرضية. هناك نوعان من المعادن الثقيلة: المعادن الأساسية التي تساعد الكائنات الحية على النمو و البقاء بصحة جيدة، و المعادن غير الأساسية الضارة و التى لا تساعد على الإطلاق. تحتاج النباتات إلى بعض المعادن الثقيلة المهمة، مثل الحديد والمنجنيز، للنمو والعمل بشكل صحيح. ومع ذلك، لا يحتاجون إلى معادن ضارة مثل الرصاص أو الزئبق أو الكادميوم.

إن وجود هذه المعادن الضارة في التربة يمكن أن يمنع النباتات من النمو بشكل جيد، ويمكنها أيضًا أن تنتقل إلى طعام الانسان، وهو أمر خطير لأن هذه المعادن يمكن أن تبقي في الجسم لفترة طويلة. أحد الأشياء الصعبة بشأن المعادن الثقيلة هو أنها لا تسبب مشاكل على الفور. و يمكن أن تتراكم في الجسم بمرور الوقت، هذه العملية تسمى التراكم البيولوجي، و كمية المعادن الثقيلة في الكائن الحي يمكن أن تصبح أعلى من الكمية الموجودة في البيئة المحيطة به.

كيف تدخل المعادن الثقيلة وتؤثر على البيئة؟

يحدث تلوث التربة و الهواء و الماء بسب
ا-المصادر الطبيعية: تآكل التربة والانفجارات البركانية،، والعواصف الرملية، وإعادة تعليق الغبار و توجد المعادن الثقيلة بشكل طبيعي في أشكال كيميائية مختلفة، مثل الكبريتيدات أو الأكاسيد.
ب- المصادر البشرية: حرائق الغابات وعمليات التعدين والأنشطة الصناعية واستخدامات الأسمدة ، إنتاج المواد الكيميائية، وتكرير النفط، ومعالجة المعادن، والطلاء، والدباغة، والبلاستيك.

تؤدي العمليات الطبيعية والعمليات البشرية إلى دخول المعادن الثقيلة إلى الماء. و يمكن أن يحدث من خلال التصريف في المياه العذبة والمالحة أو بشكل غير مباشر من خلال الترسيب الرطب والجاف. تشمل المصادر المحتملة للتلوث بالمعادن الثقيلة في الماء النفايات الناتجة عن الأنشطة البشرية، والنفايات السائلة الناتجة عن التعدين.
1-تلوث التربة
الرياح والمياه والجاذبية هي العناصر الرئيسية التي تؤثرعلى حركة المعادن الثقيلة في التربة. يتأثر توزيع المعادن بين مرحلتي الصلبة والمحلول بالأشكال الكيميائية للمعادن في كل خطوة وبالعناصر الكيميائية مثل الرقم الهيدروجيني وتركيز المعدن وتركيب التربة
2- تلوث الهواء
توجد المعادن الثقيلة في الغلاف الجوي كجسيمات عبارة عن خليط من الجزيئات الصلبة والسائلة المنتشرة في الهواء. تساهم الأنشطة الطبيعية و المصادر البشرية في تركيز المعادن في الغلاف الجوي. جزء كبيرة من الجزيئات غير العضوية في الغلاف الجوي هي أكاسيد المعادن وهي تنتج من احتراق الوقود الذي يشمل المعادن.
2- تلوث الماء
أدى تفشي مرض ميناماتا ومرض أوتش في اليابان في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي إلى لفت الانتباه إلى المخاطر البيئية الناجمة عن تلوث المياه بالمعادن الثقيلة. وقد حدث مرض أوتش بسبب تناول الأرز الملوث بمستويات عالية من الكادميوم كما ظهر مرض ميناماتا بسبب تناول الأسماك والمحار الملوث بميثيل الزئبق السام.
العناصر الأساسية التي تتحكم في توزيع المعادن الثقيلة في الماء هي الترسيب، والتخفيف، والتشتت. قد يرتفع تركيز المعادن الثقيلة في الكائنات الحية بسبب امتصاصها من قبل كل من النباتات والحيوانات
تراكم المعادن الثقيلة داخل أنسجة الأسماك
أدى تلوث البيئة على المستوى العالمي إلى تلوث الأسماك بالمواد الضارة بالصحة (مثل مياه الصرف الزراعي و الصحي والصناعي و المبيدات) و يعكس تراكم العناصر الثقيلة في عضلات و أعضاء الأسماك مقدار التلوث الحاصل في البيئة المائيـة وبالتالي يجب معرفة أسبابه ومصادره ومـن ثـم مراقبتـه ومنعه وربما يعود سبب التركيزات المتفاوتة للعناصر الثقيلة إلى العديد من العوامل منها ودرجـة تلـوث الماء عمليات الأيض في الأسماك والرواسب لهـا فـضلاً عـن عوامـل أخـرى منهـا درجـة الحـرارة و الملوحـة.
يعتبر التلوث بالعناصر الثقيلة مثل الحديد، النحاس، الخارصين، الرصاص والكادميوم أخطر أنواع التلوث نتيجة تراكمها داخل أعضاء الأسماك حيث تمتص هذه العناصر وتجّمُعها داخل أنسجتها
ترجع خطورة المعادن الثقيلة إلى عدم قابليتها للتحلل وتسبب أضرار حادة ومزمنة لمختلف الأحياء المائية ويعتبر اسوداد الغشاء البريتوني في الأسماك أحد الدلائل القوية على تلوث هذه الأسماك بالمعادن الثقيلة.تعتبر الخياشيم أكثر أعضاء الأسماك تأثراً بملوثات البيئة المائية بسبب تماسها المباشر مع البيئة الخارجية فهى من المناطق النافذة للجسم وتشكل مواقع للتنفس وتنظيم الإسموزية

إستخدام الأسماك كمؤشر حيوي لتلوث المياه

تستخدم الأسماك كمؤشــراً حيويــاً في المراقبة البيئية لمعرفـة مـدى تلـوث الماء بالعناصر الثقيلة ، وذلك بـسبب إنتقـال العناصـر الثقيلـة عبر سلسلة الغذاء، حيث تدخل العناصر الثقيلة إلى السلاسل الغذائية المائية وخاصة الأسماك إما بصورة مباشرة عن طريـق الغذاء أو غير مباشرة عن طريق الخياشيم وينتقل التأثير السام للمعادن الثقيلة من كائن إلى آخر عن طريق التغذية عبر السلسلة الغذائية ومن ثم تصل هذه العناصر إلى الإنسان المستهلك الذي يقع في قمة الهرم الغذائي, كما أن للأسماك القابلية على تركيز الملوثات بدرجة أعلى من المياه والرواسب بسبب تغذية الأسماك على الكائنات الصغيرة والمواد العضوية الموجودة فـي البيئـة المائيـة

سُمية المعادن الثقيلة وأثرها على البيئة و صحة الإنسان

تحتاج الكائنات الحية إلى كميات مختلفة من “المعادن الثقيلة”، مثل الحديد والكوبالت والنحاس والمنجنيز والزنك والسيلنيوم، حيث يكون استهلاك هذه المعادن ضرورياً وهاماً للمحافظة على عملية التمثيل الغذائي (الآيض) بجسم الكائن الحي

تنقسم العناصر الثقيلة إلى عناصرضرورية وعناصر غيرضرورية

فالعناصر الأساسية هامة حيث تعمل كعوامل ايونية مساعدة للانزيمات
العناصر الثقيلة غير الأساسية سامة للخلية ومكوناتها، وبإمكانها تدمير مكونات الخلية عند تركيزات منخفضة، ومن هذه العناصر الكادميوم و الرصاص
تنجم خطورة المعادن الثقيلة من قدرتها على التراكم في أجسام الكائنات البحرية مثل: الأسماك والقشريات، كما أن استهلاك كميات كبيرة منها تحتوي على تركيزات عالية من المعادن الثقيلة يؤدي إلى تسمم الإنسان وهو المستهلك النهائي لتلك الكائنات, حيث تتراكم داخل الجسم بشكل أسرع من انحلالها من خلال عملية التمثيل الغذائي (الأيض) أو إخراجه
المخاطر البيئية والصحية
الآن نحن بصدد لوصف الآثار المترتبة على المعادن الثقيلة في البيئة

تأثيرات الكادميوم

الكادميوم يستمد خصائصه السمية الكيميائية من التشابه إلى الزنك والمغذيات الدقيقة الأساسية للنباتات والحيوانات والبشر.التعرض الطويل يؤدي الى الفشل الكلوي و الانسداد الرئوي والذي تم ربطه إلى الإصابة بسرطان الرئة، قد يؤدي ايضا الى احداث عيوب في العظام بسبب تأثيره على أيض الفوسفور والكالسيوم حيث يحدث انخفاض في امتصاص الكالسيوم (لين وهشاشة العظام) في الإنسان والحيوان. وبالإضافة إلى ذلك، زيادة ضغط الدم وتاثيره علي عضلة القلب بسبب تأثيره على انقباض الأوعية الدموية ويقدر متوسط المتحصل اليومي بالنسبة للبشر و0.15μg من الهواء و1μg من المياه

تأثيرات الكروم

يمكن أن يؤدي التعرض المنخفض للكروم لتهيج الجلد وتقرح على المدى الطويل يمكن أن يسبب فشل الكلى وتلف الكبد، والضررفي الدورة الدموية والأنسجة العصبية. الكروم غالبا ما يتراكم في الماء، إضافة إلى حظر تناول الأسماك التي ربما تكون قد تعرضت لمستويات عالية.

تأثيرات النحاس

النحاس هو مادة أساسية لحياة الإنسان، ولكن في جرعات عالية يمكن أن يسبب فقر الدم والأضرار للكبد والكلى ، وتهيج المعدة والأمعاء. النحاس يحدث عادة في مياه الشرب من مواسير نحاس، وكذلك من المواد المضافة المصممة للسيطرة على نمو الطحالب.

تأثيرات الرصاص

ومن أهم مصادر التلوث بالرصاص هى مـصانع البطاريـات والأنابيـب المستخدمة في نقل مياه الشرب وإلقاء بعض المخلفات الصناعية. والتأثيرات السامة التي يُحدثها الرصاص بجسم الإنسان تشمل العديد من الأجهزة مثل الجهاز العصبي والبولي والجهاز الدوري و الأنيميا, الهزال, فقدان الشهية وتلون اللثة باللون الأزرق عندما تصل نسبة الرصاص فى الدم إلـى 6 – 8 جـزء فـى المليون بينما في الحالات المتقدمة يؤدى إلى الفشل الكلوى, وقـد تصـل نسـبه التلـوث فـى الأسـماك إلـى ٢٠٠٠ جـزء فـى المليـون.

تأثيرات الزئبق

هو أكثر المعادن الثقيلة سُمية، وهـو مـن السـموم المـؤثرة علـى المـخ والعصـب الشوكى حيث يتم تناول تلك المركبات الزئبقية من خلال الأسماك وبالتالي يدخل إلى السلسلة الغذائية ومن ثم يصل إلى الإنسان
ومن أهم أعراض التسمم والتي تظهر بعد تراكم كميات كبيرة من الزئبق فى الجسم والمخ : الإضطراب العصبى, فقدان الذاكرة, وقد تصل خطورة الزئبق إلى اختراق الأنسجة الواقية للجنين فى بطن الأم والوصول إلى الجنين وإحداث تلف فى المخ وحددت منظمــة الصــحة العالميــة بــأن الحــد الأعلـى المســموح بتواجــده مــن الزئبــق فــى الأسماك هو ٥٠٠ جزء فى البليون.

التوصيات

لـذلك نوصي بالكشف عن العناصر الثقيلة عند إستيراد الأسماك من الأماكن الصناعية وخاصة أسماك الماكريل والتونة. وكما ذكرنا سالفاً أن تواجد المعادن الثقيلة في الأسماك يعتبر تراكمي وبناء عليه فإن نسبة وجودها في الأسماك كبيرة الحجم والعمر والأسماك اللاحمة أكبر من الأسماك الصغيرة والعشبية والتي يتم تربيتها لفترة قصيرة قبل بيعها

نجوى إبراهيم سعد أبوزهرة- باحث

معهد بحوث الصحة الحيوانية/ معمل فرعي كفر الشيخ- مركز البحوق الزراعية – مصر