الدكتور صلاح يوسف يكتب : ملاحظات على وزراء الزراعة أبناء مركز البحوث السابقين
الحقيقة لا اهتم كثيرا بأى نقد غير مبنى على أسس علمية أو حتى أسس سياسية، سواء كان هذا النقد من خارج مركز البحوث أو من داخله، سواء كان من أستاذ كبير أو مهندس حديث، ليس إهمالا لرأيهم ولكن لأنه حينما يكون الرأى غير مبنى على أسس سليمة أو من طريق آخر مبنى على أسس غير سليمة فيصعب تصحيح فكر طارح الرأى وافضل تركه وشأنه.
الوزراء أبناء مركز البحوث الزراعية لم يفرطوا فى شبر من أراضى البحوث سواء مركز البحوث الزراعية أو مركز بحوث الصحراء، بل لم يفرطوا فى نشاط تابع لوزارة الزراعة بأى شكل من الأشكال، هذا كلام قد لا ينتبه إليه العامة ولا حتى الذين يظنون أنهم أهل الرأى الصائب وحدهم، وكم رأينا محاولات سابقة حتى ايام مبارك لاستقطاع اراضى أو حدائق أو محطات بحثية من مراكزنا البحثية، ولكن بفضل الله ودعمه لأبناء المركز حافظنا على هيكل وبناء ومبانى واراضى المركز والوزارة كما هى، ولا نغفل دور الدكتور يوسف والى فى ذلك وربما اكبر من ذلك حيث كانت كل أراضى مصر تابعة للزراعة ونحن نترك ما لا يصلح منها للأنشطة الأخرى، مع مراعاة أن دكتور يوسف والى لم يكن فقط وزيرا للزراعة ولكن نائبا لعدد من رؤساء الوزراء وأمينا عاما للحزب الوطنى والذى كان بدوره يرأس كل الوزراء داخل الحكومات المختلفة علاوة على علاقاته الدولية الواسعة، وهنا لا أمجد دكتور والى ولكن أضعه فى مسؤولياته الرسمية والتى شارك فيها فى مسؤولية تدهور أنشطة زراعية محددة متعمدة تنفيذا لسياسة الدولة التى هو كان أحد أهم مصمميها وركائزها ومنفذيها، ولكن هذا ليس موضع للنقد ولا يصح لى أن أنتقده أنا كمسؤول سابق عن قطاع الزراعة وايضا لأنه كان رحمه الله يمثل حقبة سياسية كبيرة امتدت لربع عمر وزراء زراعة مصر مجتمعين فى تاريخ وزارة زراعة مصر بمفرده وحده وانتقاده بمعزل عن سياسة الدولة فيه إجحاف بقدراته، وتمجيده أيضا يغطى على تساهل بسياسات تسببت فى تدهور أشياء ما كان لها أن تتدهور، وكل إنسان أو مسؤول هو محصلة إيجابياته وسلبياته.
وارى أن مسؤولية اى وزير لأى وزارة فى مصر ليس فقط فى الحفاظ على قدرات النشاط الذى يتولى مسؤوليته ولكن أيضا زيادة هذا النشاط وزيادة قدراته وتنوعه تعظيم انجازاته، وحينما يقصر فى ذلك سواء عن عمد أو دون انتباه فهو سيسأل أمام الشعب المصرى وأمام التاريخ وقبل كل هذا أمام الله سبحانه وتعالى، ويجب أن يعلم كل من يتحمل مسؤولية الزراعة فى مصر أنه يتحمل موضع سبقه فيه سيدنا يوسف، ولنا أن نتأسى به ونحذو حذوه.
ربما ما تحدثت عنه يراه البعض أمرا يسيرا ولكنه حقيقة ليس كذلك بل هو أمر غاية فى الأهمية وغاية فى الخطورة ولنا مثل واضح فى تضييع محطات بحثية وتحول اراضى زراعية تابعة للوزارة إلى مبانى سكنية أو أنشطة يخجل الإنسان عن تناولها أو تناول ذرائعها، بل والتنازل ولو بقدر يسير عن أمور تمس صحة وسلامة المواطن هو أمر يقينا لا يحتمل وأعتقد أن الجميع حاول أن يحافظ على المواطن المصرى قدر استطاعته وأكثر.
ويقينا ليس هذا فقط ما حاول هؤلاء الوزراء فقط تنفيذه لصالح الزراعة والزراعيين فى مدد مسؤولية تكاد لا تذكر لقصرها الشديد وهذه المدد والظروف التى كانت مواتية لها تجعلنا نفهم بقدر ما كيف واجه هؤلاء هذه الظروف بقدر كبير من المسؤولية والاجتهاد المخلص.
وانا شخصيا كنت انتقد كل من تحمل مسؤولية الزراعة كمواطن مصرى وكمسؤول سابق يرى ما فى الأفق جيدا رغم حرصى على دعم كل من تحمل المسؤولية بكل طاقتتى حتى أدرك أنه يشذ بشدة عن الطريق، ولم يكن نقدى وقتها لذات أو شخص أحد ولكن لسياسات بعينها، ومثلما غضضت البصر عن نقد سياسات دكتور والى غضضت النظر أيضا عن سياسات من أتى بعده على المستوى العام ولكن فى نفس الوقت لم أتوقف عن النصح أو لفت الإنتباه لكل من تولى المسؤولية تجاه المشاكل الزراعية القومية ولكن بدرجات محددة تتناسب مع قدرات كل مسؤول سواء داخل وزارة الزراعة أو مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية وايضا بقدر ما استطعت الوصول إليه بكل اجتهاد ممكن.
نصيحتى لكل من يتحمل مسؤولية قطاع الزراعة أن يحافظ على قدرات وإمكانيات هذا القطاع إن لم يزيدها وينميها، وأيضا أن يعلم انه مسؤول عن صحة المصريين بشكل مباشر وسيحاسبه الله على ذلك ولن يدافع عنه أحد ابدا، وأخيرا انت تملك التأثير على الاقتصاد المصرى وعلى النشاط المجتمعى والتوظيف بشكل اساسى لا يساويه أحد فى منظومات حكم مصر سوى قيادة الدولة، وأدعو لكل من تولى المسؤولية بالتوفيق والسداد.
وزير الزراعة الأسبق