الدكتور محمد المليجى يكتب : حال القرية المصرية البائس.. صور
تحولت القري إلى منازل حديثة وعمارات تبدوا عليها معالم الدخول المستوردة ولكن بلا شوارع وبلا تنسيق.
حتى المقابر اصبحت مغطاة بالرخام وبعضها ثلاث طوابق فوق بعضها بسبب ندرة المقابر . اما البشر فقد تدنت لديهم القيم واختلفت المعايير وضرب فيهم الإدمان بشراسة.
الفلاحين يعيشون داخل بيوتهم كانهم في المدينة ولكنهم يخرجون من ابواب البيوت ليواجهوا الحضيض الذي تعيش فيه القري من شوارع محفورة وقاذورات وهوام ودواب تستبيح كل شيء. الماعز والكلاب والقطط تتجول بكل أريحية على قارعة الطريق.
كل بيت تقف امامه عدة سيارات او دراجات بخارية او عربات كارو. ولكن السير في الشوارع يذكرك بالزلزال ولكنه زلزال مستمر حتى تخرج إلى اول اسفلت اوبقايا اسفلت قديم.
الناس سكاري وما هم بسكاري يجلسون على جانبي الطريق او يتحركون ببطء شديد وكأنهم مخدرون وعيونهم تطاردك وكأنها تقول من أنت ايها الغازي الغريب ويبدوا ان الغلاء اجهد عقولهم وقدراتهم واصبح كل يبحث عن افضل طريقة للحصول على دخل اكبر من قراريطه حتى ولو زرعها بانجو.
اصاب القرية ما اصاب المدينة من دروس خصوصية وغلاء الطب والدواء والتقاوي والأسمدة والاعتماد على الشراء لكل شيء تقريبا من الخبز إلى الحليب.
نسي الفلاح الخبيز وموضوع زراعة خطين طماطم وخطين خيار وبصل وخضر لاستهلاك منزله واصبح يشتري الخضار والفاكهة كما يشتري اهل المدن وبأسعار اعلى من المدينة.
انقرض الإرشاد الزراعي وانقرضت الثقة في وزارة الزراعة عموما ولا يتعامل معهم بإسم الزراعة إلا البنك الزراعي وهم الدين الذي يدين به له معظم المزارعين.
رأيت مساحات كبيرة من القمح والبنجر في زمام قريتنا ولا أثر للفول بالمرة. لا أعرف الاسباب رغم اننا نستورد الفول كما نستورد القمح والسكر.
اكثر مصائب القرية الآن والتى ضربت النسيج الأسري هي الإدمان ليصبح الهروين والحشيش والحبوب المخدرة شيء يمس معظم الآسر ويكاد كل باب يقول لك لدينا مدمن في الداخل.
اما الظاهرة العجيبة فهي بناء المساجد بلا ضرورة فأصبح بقريتنا ١٧ مسجد لا تجد صف واحد كامل من المصلين في اي منهم كما علمت. يستجير الناس إلى الله ببناء المساجد حتى ولو لم يصلي بها أحد.
القرية المصرية جزء اساسي من الجمهورية القديمة التى تسعي مبادرة تكافل وكرامة لتجديدها ولكن الحمل ثقيل للغاية واصلاح الشوارع والمنازل لن يحل مشاكل اصلاح ما فسد في البشر لأن هذا يحتاج الكثير من العمل الاجتماعي والإرشادي.