الدكتور جمال صيام يكتب : مطلوب إعادة النظر فى مشروع تبطين الترع
اتصل بي أحد معدي القنوات التليفزيونية يطلب الحديث عن مشروع تبطين الترع.
الواقع أن هذا المشروع كان مثار جدل منذ أن أعلن وزير الموارد المائية والري فى مجلس النواب أن المشروع تسبب فى إهدار الأموال، وأنه يعاد النظر فيه.منذ أعلن الوزير السابق عن خطة للموارد المائية تتكلف 900 مليار جنيه ، كان نصيب مشروع التبطين منها 80 مليار ويستهدف تبطين 30 ألف كيلومتر من الترع وهذا يشمل ترع مصر كلها. بدأ تنفيذ المشروع منذ أكثر من سنتين ، وتم بالفعل تبطين نحو 7 آلاف كيلومتر ، تكلفت 18 مليار جنيه.
لذلك كانت تصريحات الوزير مفاجأة صادمة بكل المقاييس. إذ أن معني ذلك أن هذا المبلغ قد تم إهداره دون تحقيق أي عائد .
كان من المفترض أن هدف المشروع الأساسي هو توفير المياه (قيل حينها أنه سيوفر ما يتراوح بين 3-5 مليارات متر مكعب) عن طريق الحد من تسرب مياه الترع إلي باطن الأرض. هذا يدل علي أن المشروع لم تسبقه دراسة جدوي ، وهو أمر مقلق للغاية وخطير ، فكيف تقوم الوزارة ،والتي تنتمي إلي مدرسة الري التاريخية العريقة ، بتنفيذ مشروع عملاق بهذا الحجم دون أن تجري له هذه الدراسة.
أقول ذلك بقدر كبير من الـتأكد ، لسبب بسيط ، هو أن كمية المياه التي يتم منعها من التسرب ، هى فى نفس الوقت تخفيض بنفس القدر من المياه الجوفية (الجوفية بالدلتا) التي تدخل فى الموازنة المائية كأحد الموارد المائية (7 مليارات متر مكعب بالدلتا) .
فهى إذن لن تكون إضافة إلي الموارد المائية وإنما فقط تغيير فى شكل الاستخدام ، مياه سطحية أم مياه جوفية.
المفجأة الأخري أن التبطين بالأسمنت يعمل علي رفع درجة حرارة المياه (نهارا) مما يزيد معدلات فقد المياه بالبخر.
عندما أعلن الوزير مفاجأته ، ظهر مدافعون عن المشروع ، بحجة أن المشروع يعمل علي مرور المياه ووصولها دون عوائق إلي نهايات الترع وتوفير المياه للمزارعين بهذه المناطق ، وحجة أخري أن المشروع يجعل للترع منظرا حضاريا وبيئيا أفضل.
والواقع أنه لا غبار علي هاتين الحجتين ، لكن المشروع لم يصمم أساسا لهذا الغرض ، وهناك وسائل أخري عديدة يمكن بها تحقيق المنظر الحضاري وحل مشكلة نهايات الترع بتكلفة أقل بكثير.وإذا ادعي أحد أنه تمت دراسة جدوي ، فأين هي ؟ وماذا ذكرت عن الهدف الأساسي للمشروع؟.
أرجو أن يتم إيقاف هذا المشروع حتي يمكن إجراء دراسة جدوي معتبرة ، وهي التي سوف يقرر فى ضوء نتائجها، الاستمرار فيه أو تنفيذه بشكل آخر. هناك مشروع آخر لابد من الحديث عنه فى نفس السياق، هو مشروع تحديث نظام الري (تحويل الري بالغمر إلي الري بالتنقيط) ،
وكان الوزير السابق قرر تعميم هذا التحديث فى كل الأراضي القديمة وكذلك الأراضي الجديدة التي تستخد الري بالغمر بالمخالفة للقانون.أرجو أن يتنبه الوزير الحالي لإعادة النظر فيه أيضا. ولهذا حديث آخر.
د. جمال صيام
أستاذ الاقتصاد الزراعي
كلية الزراعة : جامعة القاهرة