بعد عقد اتفاقية ١٩٥٩ مع السودان. تم انشاء الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل، ودخلت الهيئة المشتركة فى مباحثات عام ١٩٦١ مع دول اوغندا وكينيا وتنزانيا، حول مطالبهم لاقامة مشاريع مائية لاستغلال مياه النهر. ووافقت الهيئة عام ١٩٦٣، على مشاريع الدول الاستوائية الثلاثة لسد احتياجاتهم المائية العاجلة وقتها.
وبعد نكسة ١٩٦٧، تم الاتفاق مع دول الهضبة الاستوائيةعلى بدء مشروع أخر بمسمى “الهيدروميت” وبدعم مالى وفني من (الأمم المتحدة ومنظمة الأرصاد العالمية)، بهدف تجميع وتحليل البيانات الهيدرولوجية لأحواض الهضبة الاستوائية لتقييم مواردها المائية وتقدير احتياجات الدول المستقبلية.
واستمر مشروع الهيدروميت حتى عام ١٩٩٢، وبدأ بعده مشروع “التيكونيل” بهدف وضع خطة شاملة لتنمية حوض النيل، وشاركت فيه أثيوبيا كمراقب، والذى انتهى عام ١٩٩٨.
وتلى ذلك مشروع “مبادرة حوض النيل” بدعم “غربي” وادارة “البنك الدولي”.وكان المشروع يتكون من ثلاثة محاور: الأول الحفاظ على البيئة، والثاني مشروعات مشتركة للأحواض الفرعية (الهضبة الاستوائية، والأثيوبية)، والمحور الثالث لاعداد اطار مؤسسي وقانوني لتعاون دول حوض النيل.
والاطار المؤسسي القانوني كان شرطا أثيوبيا لاشتراكها فى مشروع المبادرة، ومصر كانت ترفض هذا الشرط مبدئيا ولكن وافقت بعد ذلك.
وبدأ المشروع بعضوية ٩ دول، منها دول الهضبة الاستوائية الستة، وأثيوبيا والسودان ومصر.
ومن النتائج السلبية لهذه المبادرة “مسودة اتفاقية عنتيبي” ومطالبة دول المنبع بالغاء الحصص المائية لمصر والسودان، واعادة توزيع مياه النيل على دول الحوض.
واستغلت دول الحوض (باستثناء مصر) هذا المشروع للاعلان عن ٨ مليون فدان أراضي زراعية متاحة للاستثمار ، وكما نرى حاليا أن العديد من الدول العربية وغير العربية أقبلت على هذه المشاريع.
وخلال هذه المبادرة أيضا تم الاعلان رسميا عن مشاريع السدود الأثيوبية وتم اعداد بعض دراسات الجدوى لها وبتمويل البنك الدولي. بل وقامت اثيوبيا أثنائه بانشاء سد تكيزى على نهر عطبرة ومشروع تانا بليس على النيل الأزرق، وأوغندا شيدت سد بوجاجالى.
ورفضت مصر والسودان التوقيع على اتفاقية عنتيبي، ولكن وقعتها فى مايو ٢٠١٠ دول أثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا.
ويتطلب تفعيل الاتفاقية أن توقع ثلثى الدول (ستة دول) من دول المبادرة التسعة، وأن تصدق برلمانات هذه الدول عليها. وبعد ثورة يناير المصرية، قامت بوروندي فى مارس ٢٠١١ بالتوقيع على الاتفاقية، ولكن لم يعتمدها برلمانهم حتى الأن.
ولذلك الكونغو وبوروندي هما من ساندا مصر ومازالا، ولهما كل التقدير والاحترام.
واتفاقية عنتيبي لذلك لم تعتمد كأتفاقية حتى يومنا هذا وبعد ١٣ سنة من التوقيع عليها، بالرغم من المحاولات المحمومة لأثيوبيا والغرب والبنك الدولي وبعض دول المنبع الأخرى مثل أوغندا وكينيا.
وحاليا علاقات مصر مع تنزانيا تحسنت كثيرا، ونرجو ان تسحب توقيعها من على هذه المسودة.
وبعد هذا السرد المطول، نستطيع ان نفهم مغزى وأهمية جولة زيارات وزير الرى المصرى للعديد من دول الحوض كمحاولة لاعادة ترتيب الأوراق جيدا، وهذا مطلب ضرورى وحيوي.
مع خالص تحياتي وتقديري.