أخباراقتصاد أخضر

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : الأمن الغذائي وتغيّر المناخ

دكتور/ علي عبد\لرحمن
نائب وزير التجارة السبق

تعزى أزمة الأمن الغذائي الحالية بشكل رئيس إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق الدولية، وإلى الزيادة الحادة في أسعار الطاقة، وتحويل بعض المصدرين الرئيسيين الأراضي المنتجة نحو إنتاج الوقود الحيوي. وبما أن بلدان منطقة الإسكوا تستورد أكثر من 50 في المائة من احتياجاتها الغذائية، فقد زادت درجة تعرضها لأزمة الأمن الغذائي وتأثرها الكبير بتداعياتها.

كذلك عانى بعض من اهتزازات ملحوظة في القطاعين المصرفي والمالي حيث أدّى خروج رأس المال المضارب من بعض أسواق المنطقة إلى أزمة سيولة نقدية فساهم في ارتفاع كلفة الاقتراض.

ويعدّ تراجع صادرات البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً إلى البلدان المتقدّمة، وخاصة بلدان الاتحاد الأوروبي، أحد أبرز تداعيات الأزمة الحالية على الاقتصادات الأكثر تنوعاً في المنطقة.
فالأسواق الأوروبيّة تشكّل الوجهة الأساسيّة لصادرات العديد من هذه البلدان (حوالى 50 % من إجمالي صادرات، ولا شكّ في أن دخول بلدان الاتحاد الأوروبي مرحلة الركود الاقتصادي سيقلّل من قيمة صادرات بلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً.

ويتوقّّع أن تعاني البلدان المصدّرة لليد العاملة، مثل الأردن والجمهورية العربية السورية والسودان ومصر واليمن، من انخفاض ملحوظ في تحويلات العاملين في الخارج، خاصة في بلدان أوروبا ومجلس التعاون الخليجي.
ومن أكثر البلدان تأثراً بهذا التراجع الأردن ولبنان اللذان يعتمد اقتصادهما بشدة على هذه التحويلات. وفي حال استمرّت الأزمة الحاليّة طويلاً، يرجّح أن يعود قسمٌ من اليد العاملة في الخارج إلى البلد الأم فتساهم تلك العودة في تفاقم مشكلة البطالة والفقر وتهدّد المكاسب الاقتصادية التي استطاعت منطقة الإسكوا تحقيقها على مدى الأعوام الثمانية الماضية.

وقد يؤدي استمرار الأزمة المالية العالمية واشتدادها في البلدان المتقدمة إلى الحدّ من قدرة تلك البلدان على الالتزام بالمساعدات الحكوميّة التي تستفيد منها البلدان النامية، ومن بينها العديد من بلدان منطقة الإسكوا ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً.

التدابير والإجراءات التي اتخذتها البلدان الأعضاء لمواجهة الأزمة المالية:
السعى إلى تنشيط الطلب المحلي والحؤول دون تباطؤ النمو الاقتصادي عبر اتخاذ جملة إجراءات منها:

1. اتباع سياسات نقديّة توسعيّة واتخاذ تدابير نقديّة بغية توفير السيولة اللازمة للقطاع الخاص والحدّ من خسائر الأسواق المالية.
2. زيادة الإنفاق العام على المشاريع الاستثمارية في البنى التحتيّة بشكل خاص.
3. تسهيل المعاملات الإداريّة ووضع الأطر التشريعيّة المناسبة لتحفيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة والقطاع الخاص، لا سيّما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
4. تفعيل منتدى الإقليمي التشاوري رفيع المستوى حول آثار الأزمة المالية العالمية.
5. تقييم آثار الأزمة المالية على اقتصادات البلدان الأعضاء وتحديد الخطوات ذات الأولوية لمعالجة هذه الآثار.
6. تحليل تأثير الأزمة الحالية على كل منطقة في العالم، من الضروري تحديد الروابط بين الأزمات الثلاث، أي الأزمة المالية وأزمة الوقود وأزمة الأمن الغذائي.
7. ففي ظلّ العولمة والترابط الاقتصادي الشديد بين البلدان، تتّخذ الانعكاسات المترتبة على الأزمات بعداً عالمياً أيضاً.
8. تقوّض الإنجازات المتعلقة بالقضاء على الفقر، وتمعن في إضعاف القدرة على مواجهة الأزمات وتزعزع الاستقرار. فأزمة الأمن الغذائي العالمية التي بلغت أوجها في عام 2008، مع الارتفاع الحادّ في أسعار السلع الأساسية كالقمح والحبوب، مرتبطة بجزء كبير منها بارتفاع أسعار الوقود والمضاربة في الأسواق الدولية للسلع الأساسية التي أدّت بدورها إلى تفاقم الأزمة المالية التي أصبحت اليوم أزمة اقتصادية عالمية.

وتعزى أزمة الأمن الغذائي الحالية بشكل رئيس إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق الدولية، وإلى الزيادة الحادة في أسعار الطاقة، وتحويل بعض المصدرين الرئيسيين الأراضي المنتجة نحو إنتاج الوقود الحيوي.

وفي ظل هذا الوضع، بات الفقراء، لا سيّما منهم سكان المناطق الريفية، أكثر عرضة لآثار أزمة الأمن الغذائي. وقد أدّت هذه الأزمة، التي ازدادت حدّة نتيجة الأزمة المالية العالمية، إلى انحدار العديد من الفقراء إلى ما دون خط الفقر. كما حدّت الأزمة المالية من الائتمانات المخصّصة للاستثمارات الإنتاجية في الزراعة، وخصوصاً بالنسبة إلى صغار المزارعين.
ويأتي تغيّر المناخ ليزيد من تواتر الجفاف وامتداده، ويؤثر بالتالي سلباً على إنتاج الأراضي الجافة ويزيد من حدة أزمة الأمن الغذائي.





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى