أخبارمقالات

الدكتور حمدي المرزوقي يكتب : فى ذكرى ثورة 23 يولية.. دعوة لتجديد وأحياء المصانع المعطلة

خواطر وطنية وبعيدا عن السياسة

جاء محمد علي باشا مع الكتيبة الألبانية مع بداية عام ١٨٠١م للمساهمة مع القوي الوطنية في مقاومة الحملة الفرنسية ثم هجمات الإنجليز المتتالية إلا أنه كان علي درجة من الذكاء الفطري الذي مكنه من تولي قيادة الدولة المصرية بداية من عام ١٨٠٥م والي عام ١٨٤٨م وحتي أصابه الخرف ومات عام ١٨٤٩م عن عمر ينهاز الثمانين ودفن في جامع محمد علي بالقاهرة ..

وتشهد حوادث التاريخ ووقائع الجغرافيا أن مصر الحديثة قد شهدت نهضة شاملة وعلي أسس علمية في عهد محمد علي وفي شتي ميادين الحياة فلقد سعي الي تأسيس قوة عسكرية محلية يشار إليها بالبنان حيث وصلت قوات محمد علي الي منابع نهر النيل العظيم في أقصي الجنوب بافريقيا وسيطرت عليها تلك القواعد وأسست دولة كبيرة لها مهابة وذلك بعد أن قضي علي المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة عام ١٨١١م ولقد شهدت الدولة المصرية في عهده تطورا صناعيا ملحوظا وخاصة في بعض الصناعات العسكرية وصناعة السفن والترسانه البحرية وصناعة المنسوجات..

ولقد قام محمد علي باشا بإرسال البعثات التعليمية الي دول أوروبا وخاصة فرنسا مما دعي البعض أن يطلق عليه لقب (مؤسس مصر الحديثة ) وإن كان البعض الأخر لا يتفق مع الرأي السابق بل يري أن محمد علي مجرد غازي طموح يبغي في تكوين إمبراطورية عظمي تحمل أسمة وأعتقد وربما يتفق مع الكثير في الرأي أن الدول الكبري في ذلك الوقت وهي (انجلترا وفرنسا وروسيا ) كانت تراقب تلك النهضة العلوية بشئ من القلق والخوف بل واتفقوا جميعا علي توقيف نهضة محمد علي.

ورحل محمد علي بعد فترة حكم طويلة أكثر من أربعين عاما وجاء من بعده خلف قد اضاعوا ثروات البلاد مما ساعد علي نشر الفساد والفوضي ولعل أسوأهم كان الخديو توفيق الذي ساهم في احتلال البلاد من المستعمر الإنجليزي البغيض عام ١٨٨٢م وحتي قيام ثورة يوليو ١٩٥٢م … ولما جاء حفيده (ملك البلاد المفدي فاروق الأول ) وقيل انه كان يبغي نهضة الأمة المصرية لولا بطانة من رجال السوء التي احاطت به وكان ابرزهم ولا شك احمد حسانين باشا رئيس الديوان الملكي في ذلك الوقت -فانغمس الملك الشاب في شهواته وملذاته واغرق البلاد في بحر من الفساد حتي سخر الله للدولة المصرية طليعة ثورية من خير شبابها وهم نخبة من الضباط الأحرار يمثلون أبناء الطبقه المتوسطة والذين إنضموا مؤخرا في الإلتحاق بالكلية الحربية (مصنع الرجال) وكان علي رأسهم الضابط الشاب الثائر جمال عبد الناصر والذي ينتمي الي إحدي عائلات الصعيد المصري العريق بأسيوط وتربي وعاش فترة من حياتة بالإسكندرية والقاهرة وحتي تخرج من الكلية ثم إنضم الي طلائع الجيش المصري في حرب فلسطين ١٩٤٨م وتم حصاره ومعه ضباط وجنود الكتيبة في منطقه الفالوجا.. وهنا أمتلأت نفسة بالغضب لتفشي مظاهر الفساد علي حكم الملك الفاسد وبطانته وبدأ في الاعداد لثورة الشعب الكبري والتي ظهرت أنوارها مع فجر ٢٣يوليو ١٩٥٢م

وأعلنت الثوره مبادئها أمام العالم كله والتي تتلخص في القضاء على الأستعمار وأعوانه والقضاء علي الإقطاع والقضاء علي الرأسماليه المستغلة ثم أعلنت الثورة إنها تهدف الي بناء مجتمع يملك جيشا قويا وتهدف الي إقامة عدالة اجتماعية وأيضا تهدف الي إقامة حياة ديمقراطية سليمة.. …

وتشكل مجلس قيادة الثورة من مجموعة بارزة من شباب الضباط وكان علي رأسهم اللواء محمد نجيب كرتبه عليا تكسب تعاطف الشعب والجيش .

واستمر الرئيس نجيب رئيس لمجلس قيادة الثورة وبعد ذلك رئيس للجمهورية حتي نشبت أزمة مارس ١٩٥٤م وبعدها تم إستبعاد اللواء نجيب من مجلس قيادة الثورة وقد لا يتفق البعض مع طريقة الإستبعاد ولكن التاريخ وحده هو من يملك توضيح الحقائق مستقبلا لرجل في حجم ومكانة الرئيس نجيب.

وكان ولا شك لثورة ٢٣يوليو العديد من الإنجازات الجبارة داخل الوطن وخارجه في مقدمتها طرد الإستعمار الإنجليزي وإسقاط الحكم الملكي البائد وقيام الجمهورية ومجانية التعليم في جميع مراحله وإنشاء بعض الجامعات الجديدة وأيضا مراكز البحث العلمي وكان أيضا من انجازاتها القضاء علي الاقطاع وإعادة توزيع الأراضي الزراعية وتحديد الملكية لتحقيق العدالة الاجتماعية واذابة الطبقات ..بل إلغاء النظام الطبقي البغيض واصدرت قانون الإصلاح الزراعي ..

كما قضت الثورة علي الرأسمالية المستغلة وتأميم العديد من الصناعات كما أنشأت ما يقرب من الف مصنع وأهمها مصانع الغزل والنسيج في جميع أنحاء الجمهورية والتي اتاحت فرصة عمل شريف أمام العمالة المعطلة وشكل العمال جزء هام في النسيج الاجتماعي للدولة ..كما أنشأت الدولة مصانع الحديد والصلب بحلوان ..
ولعل من أهم إنجازات الدولة انشاء السد العالي والذي حمي البلاد من اخطار الفياضانات العالية وأيضا اخطار فترات الجفاف …
ولقد ساهمت الثورة المصرية في تحرير كل الدول العربية والتي كانت مستعمرة حين قيام الثورة وأيضا كل الدول الأفريقية..بل مدت يد العون والمساعدة الي دول أمريكا اللاتينية ..تلك إنجازات عملاقة ربما يتفق البعض معها والآخر يعارضها او يتحفظ عليها ..الا أنها كانت إنجازات واضحة وضوح الشمس في كبد السماء ..لمن يريد أن يري…
وأننا ننتهز ..فرصة الحوار الوطني والذي دعي اليه مؤخرا السيد رئيس الجمهورية ..ونطالب بإعادة تجديد وأحياء المصانع المعطلة وخاصة مصانع الغزل والنسيج والحديد والصلب ..

كما نطالب بوجود تمثيل مشرف للمعارضة الوطنية الشريفة والتي تعمل داخل وعلي ارض الوطن وتحمل افكارا بناءة ومستنيرة تساهم في البناء ..فليس من المعقول أنه لاتوجد في مجلس النواب الذي يتكون من حوالي ٦٠٠ نائب الا ٣ فقط ثلاثة نواب للمعارضة …
واسلمي يا مصر انا لك الفدا
مع خالص تحياتي
د.حمدي المرزوقي
وكيل وزارة سابق
واستاذ ورئيس بحوث متفرغ





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى