يصادف الإنسان فى بيته عقبات كثيرة نتيجة لهموم الحياة ومشكلاتها وفتنها
الأمر الذى يجعل الكثير من البيوت تعيش وكأنها قنابل موقوتة وقد دق الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري ناقوس الخطر حيث ذكر أن حالات الطلاق وصلت إلى حوالي 213 ألف حالة عام 2020 بواقع حالة كل دقيقتين، كما بلغ عدد الأحكام للخلع 7065 حكماً فى عام ٢٠٢٠ وهذا بعد أن تيأس المرأه أن تحصل على حريتها بالطلاق الطبيعى
والطلاق خراب للبيوت وتشريد للأسر وضياع للاطفال وحدوث النزاعات والاختلافات والشقاقات والبغض والكره بين العائلات بعدما كان الود والحب والتقدير قائم بينهم
مما يستدعى أن ينهض المجتمع بجميع طوائفه ومؤسساته إلى علاج هذه الظاهرة .. التى تمثل تهديدا للواقع الاجتماعي في مصر
ويجب أن يكون هناك تعليم جيد بحقوق الأسرة بأن عقود الزواج عقود شراكة وليست صكوك عبودية يقول تعالى
(وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ) فعقد الزواج هو سكن مبنى على الود والرحمة
كما يجب أن تكون هناك مؤسسات تربوية متخصصة وفاعلة تعطى دورات للشباب حقيقية قبل الزواج تبين لهم ما عليهم ومالهم من حقوق وواجبات وأسلوب التعامل وعلاج المشاكل .
ونجد أن الشريعة الإسلامية اعتمدت على منهجين فى علاج هذا الأمر
اولا.. القدرة على الزواج واعبائه
من قبل الزواج بأن يكون الإنسان لديه القدرة على الزواج يقول رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ثانيا .ضمان الموافقة عليه كزوج أن يكون صاحب دين وخلق يقول رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي
فما أكثر من يرفعون شعارات دينية وسلوكياتهم وأخلاقهم متناقضة تماما مع تعاليم دينهم فالمتدين الحقيقى. ينعكس تدينه على أخلاقه ولذلك كان النبى محمد أعظم الناس خلقا يقول تعالى (وانك لعلى خلق عظيم ).
فالاخلاق والفضائل هى التى تساعد الإنسان على تجنب الصدمات والقفز على العقبات ومعالجة التوترات والمشاكل..
ومن أهم هذه الأخلاق …
خلق العَفُو: هو إسقاط العقوبة بدون إسقاط الذنب. فمن عفا عن أحد فقد امتنع عن العقوبة مهما كانت إلا أن المؤاخذة عن الذنب لا تسقط. أصل العَفو هو المَسح والذهاب بسبب القدم، فسميّ كذلك لأن العقوبة تمسح عن المذنب.
خلق المُسَامَحَة: هو إسقاط المؤاخذة واللوم بغض النظر عن إسقاط العقوبة عن المذنب، فالمسامح يترك المؤاخذة واللوم ويتصرف كأن شيئا لم يكن إلا أن المذنب قد يكون عوقب وانتهى أمره. أصل المسامحة هو السماح، أي الجود، فالمُسَامِح قد جادَ على المذنب بأن ترك المؤاخذة.
خلق الصَفْح: هو التجاوز عن المذنب تماما بترك مؤاخذته وعقابه. أصل الصفح هو إبداء صفحة جميلة من الوجه ومنه قلب الصفحة أيضا. فالصفح أعلى من العفو والمسامحة.
خلق الغُفْرَان أو المَغْفِرَة: هو إسقاط العقوبة والمؤاخذة ولكنه يزيد عن الصفح بأن الغفران يوجب الثواب للمغفور له وثوابه بأن يستر أو يخفى ذنبه. أصل الغفران هو الإخفاء والستر..
وسوف نجد أن هذه الألفاظ و المعانى وردت فى ايات القرءان الكريم فى مواضع شتى
ولم يتم جمع الألفاظ الثلاثة” العفو والصفح والمغفرة” أمرًا، في كتاب الله المجيد إلا في موضع واحد وهو الذى يختص بالأبناء والزوجات وذلك لعظم العلاقة الأسرية يقول تعالى ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّ مِن أَزواجِكُم وَأَولادِكُم عَدُوًّا لَكُم فَاحذَروهُم وَإِن تَعفوا وَتَصفَحوا وَتَغفِروا فَإِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ . وهذه الآية تضع العلاج للبيوت كى تكون مأوى للبركة والود والرحمة والسعادة يجب أن يتحقق فيها هذه الثلاثية ” العفو والصفح والمغفرة”..
وأن مقياس السعادة والهدوء فى البيوت يعتمد على ما يتمتع به أصحاب هذه البيوت من هذه الأخلاق
حتى قيل إن القوامة والرجولة حقا ليس فقط بمقدار ماينفقه الرجل على أسرته ولكن بقدر ما يتجاوز ويتحقق فى أخلاقه هذه الخصال الثلاث في القيِّم على البيت، الحريص على استقرار بيته والذى منحه الشرع أن يكون صاحب الكلمة العليا فى الطلاق والإمساك
وذلك بأن تكون تعاملاته مع أهله وأولاده قائمة على الصفح والعفو والمساحة والمغفرة .
وكم من بيوتٍ هربت منها السكينة وتناثرت فيها الوحشة، وغابت عنها البركة والسعادة فلا تكاد تبصر لها أثرًا؛ لأنها قامت على القسوة والعنف والجفاء والأخلاق السيئة والعنجهية الكدابه والعناد المقيت والفهم الخطىء عن الرجولة بأنها القدرة على البطش أو الاهانه .
اللهم نسالك السكينة والبركة والود والمحبة والسعادة فى بيوتنا وبيوتكم جميعا.