الدكتور محمد على فهيم يكتب : فى ذكرى العاشر من رمضان .. لا يزال الأبطال مرابطون
قرآن فجر يوم 10 رمضان سنة 1393- 6 أكتوبر سنة 1973 م، لا شيء في شوارع القاهرة فجر هذا اليوم يشير إلى أي تغيير ، ربما مدينة المنصورة كانت تستعد لإحياء ذكرى حرب الصليبيين عندهم ولم يكن يدري أهلها أن أعنف معارك الجو الحربية ستجري فوق سماءها بعد ساعات…
أما في صفوف الشعب فإن وقوع حرب ضد إسرائيل كان شيئاً مستحيلاً نتيجة لما يظهر من القيادة السياسية والإعلامية متمثلة في الرئيس السادات وقراراته، بسبب حالة اللاسلم واللاحرب. ولم يكن يدري غالبيتهم أن هذا الحال هو جزء من خطة الخداع الاستراتيجي …
عبر مذياع ما قبل الفجر يوم 10 رمضان سنة 1393 م الموافق 6 أكتوبر سنة 1973 م، كان صوت الشيخ محمد أحمد شبيب يشق الظلام من خلال ميكروفونات مآذن مسجد الإمام الحسين، حيث بدأ تلاوته من منتصف الآية 154 من سورة آل عمران …
بدأ القارئ الشاب أحمد محمد شبيب تلاوته بقول الله تعالى “قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ”، وانجذب المستمعين للأداء حتى انشدوا حين قرأ الشيخ قول الله تعالى “وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ، وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّه تُحْشَرُونَ” …
ربما لم يكن يدري القارئ محمد أحمد شبيب أن ما قرأه بالاتفاق مع عبد العزيز محمد عيسى “وزير شئون الأزهر”، كان بتوجيه من الشيخ عبدالحليم محمود “شيخ الأزهر” وبالتنسيق مع هيئة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، حيث كانت هذه التلاوة هي بشارة النصر، خاصة وأنه لم يكن يدري أحد في مصر ـ غير قادة جيشها ـ، موعد الحرب، باستثناء الشيخ عبدالحليم محمود والذي رأى في المنام رسول الله يبشره بالحرب …
وكان يستمع لهذه التلاوة 300 ألف جندي غرب القناة تم حشدهم بمعداتهم وأسلحتهم في مشروع حرب تم تدريبهم عليه مرارا من قبل .. كانو جميعا ينظرون صوب الشرق متأهبون لساعة الحسم ينتظرونها في كل لحظة …
وبعد عدة ساعات بدأت الحرب بهجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري والجيش السوري على القوات الإسرائيلية في سيناء وهضبة الجولان. وساهم في الحرب بعض الدول العربية سواء عسكريا او اقتصاديا …
وكان صوت الشيخ شبيب يرن في آذانهم بما قرأه من آيات الفجر فتنطلق الحناجر الهادرة تزلزل الأرض ب الله أكبر … حتى تحقق النصر ، وتحقق وعد الله ” قَٰتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍۢ مُّؤْمِنِينَ ” …
وكما كان الدفاع عن أرض مصر واجب مقدس استشهد من أجله الآلاف ، فإن الدفاع عن مياة مصر لا تقل قدسية … فهي ميراث الماضي وأصل الحاضر وحق المستقبل …
فكما كان زئير الأبطال في نهار هذا اليوم على أعتاب أرض سيناء يزلزل الأرض تحت أقدام المعتدي … فما زال الأبطال مرابطون
دكتور محمد علي فهيم
فجر يوم 10 رمضان بعد 48 سنة من هذا اليوم