الدكتور على عبد الرحمن يكتب : الاقتصاد السياسي للسياسات الزراعية والغذائية
أ.د /علي عبدالرحمن علي
رئيس الاتحاد الدولي للاستثمار والتنمية والبيئة
خضعت الأغذية والزراعة لتدخلات حكومية شديدة عبر التاريخ وفي جميع أنحاء العالم، في كل من البلدان النامية والمتقدمة.
والاعتبارات السياسية ضرورية لفهم هذه السياسات، لأن جميع السياسات الزراعية والغذائية تقريبًا لها تأثيرات إعادة التوزيع، وبالتالي فهي يخضع للضغط والضغط من مجموعات المصالح، ويستخدمه صناع القرار للتأثير على المجتمع لأسباب اقتصادية وسياسية.
وبعض السياسات، مثل التعريفات الجمركية على الواردات أو ضرائب الصادرات، لها أهداف توزيعية واضحة وتقلل الرفاهية الكلية من خلال إدخال تشوهات في الاقتصاد.
قد تؤدي السياسات الأخرى، مثل معايير الغذاء، وإصلاحات الأراضي، أو الاستثمارات العامة في البحوث الزراعية، إلى زيادة الرفاهية الشاملة ولكن في نفس الوقت لها أيضًا تأثيرات توزيعية.
وتؤثر هذه التأثيرات التوزيعية على تفضيلات مجموعات المصالح المختلفة وبالتالي تحفز العمل السياسي.
وتشمل الأمن الغذائي والتغذية والاستهلاك المستدام وحماية البيئة والفقر والقدرة على المجابهة.
ويجب تسليط الضوء على المسارات الأساسية لدعم تحول النظم الغذائية والتقدم المحرز نحو على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية، فثمة مجموعة من روافع التغيير المتداخلة تركز على المعوقات الأساسية أمام التقدم ومجالات ارتباطاتها وعملها المنسق.
والمساواة في الحقوق في الأرض، والتمكين الاقتصادي للمرأة في النظم الغذائية، والرعاية غير مدفوعة الأجر وعبء العمل الزراعي، وقيادة المرأة في النظم الغذائية، والوصول إلى التقنيات،
وتغيير المعايير ومعالجة الحواجز المؤسسية، وسياسات النظم من جانب تحالف الغذاء واستخدام الأراضي بغرض تقديم أفضل الأدلة للحكومة والقطاع الخاص والقطاع المالي والجهات الفاعلة الأخرى.
ويجب الاستفادة من الموارد الكبيرة، والبحث عن طرق للتخلص من مخاطر الابتكارات وتسريع التغيير، وتعبئة رأس المال الخاص، ويشمل ذلك رأس المال من المؤسسات المالية والشركات والمستهلكين. كما أنها حددت أسئلة وقضايا معينة ليتم طرحها في المناقشات لكل مسار عمل.
وتشمل مجالات التركيز الناشئة البيانات والرقمنة، والعلوم والتكنولوجيا، والنظم الإيكولوجية الوطنية والإقليمية، وكذلك نماذج الابتكار المجتمعية والمؤسسية، ويضم ذلك المعرفة التقليدية والأصلية.
وتعد الزراعة على نطاق صغير مفتاح النظم الغذائية التي تسهم في بناء مجتمعات مسالمة صحية.
إذ يعتمد أكثر من ملياري شخص في العالم على 500 مليون مزارع صغير للحصول على سبل عيشهم. ولصغار المزارعين هؤلاء إمكانيات عظيمة للإسهام بصورة أكبر في إيجاد نظم غذائية مستدامة جيدة التشغيل.
لماذا؟ لأن المزارع على نطاق صغير لا تخدم في الأساس إلا الأسواق المحلية والوطنية. وهي هامة على وجه الخصوص في البلدان النامية حيث من المحتمل بصورة أكبر للجوع أن يؤدي إلى إشعال الاضطرابات.
علاوة على ذلك، حيث تسود الزراعة على نطاق صغير، هنالك قدر أكبر من الانخراط الاجتماعي، والمدني، والثقة، والارتباط بالمجتمعات والثقافات المحلية.
ومن الهام بصورة موازية إدراك أن المزارع الصغيرة والمشروعات الريفية الأخرى الصغيرة والمتوسطة الحجم تستثمر وتنفق في المجتمعات المحلية، وهي تخلق الوظائف والفرص، وبالتالي تحد من الحاجة إلى الهجرة. وحيث تزدهر المزارع الصغيرة تتطور المجتمعات الصامدة والمسالمة
والنظم الغذائية أمر معقد. إذ يحتاج المزارعون على نطاق صغير إلى المدخلات مثل البذور والأسمدة لضمان الإنتاج، كما يحتاجون للتدريب والدعم للتغلب على الصدمات على شاكلة أحداث الطقس التي لا يمكن التنبؤ بها، والتوجهات الاقتصادية الهبوطية، أو الأزمات الصحية.
كذلك فإنه من الحاسم بمكان ضمان الإبقاء على بيع وشراء منتجاتهم، ودعم الدور الحاسم الذي تلعبه النساء في نظم الأغذية من خلال التطرق إلى انعدام المساواة بين الجنسين، الأمر الذي يعيق الأنشطة المولدة للدخل الخاصة بالنساء.
ففي حين أننا ننتج الأغذية أكثر من أي وقت مضى، لا يزال شخص من أصل ثمانية أشخاص يعاني من الجوع، وهناك مليارا شخص لا يحصلون على ما يكفي من الأغذية المغذية.
كذلك تعتبر بصمة الكربون لإنتاج الأغذية عالية للغاية. كما هو الأمر أيضا بالنسبة للضغوطات التي تضعها الزراعة على الموارد المائية: إذ يصل نصيب الزراعة إلى70 % من سحوبات المياه.
والزراعة هي المحرك الرئيسي لخسارة التنوع الحيوي. وفي الوقت نفسه فإن ما نسبته 30% من الأغذية المنتجة تهدر أو تضيع بعد الحصاد، حتى قبل أن تصل إلى المستهلك.
وفي يومنا هذا، تضيف جائحة كوفيد-19 إلى الضغوطات التي تمارس على نظمنا الغذائية، وعلى اضطراب الأسواق، وسلاسل العرض للمزارعين على نطاق صغير في جميع أنحاء العالم، مما يتهدد السلام والاستقرار. وإننا بحاجة لهؤلاء المزارعين على نطاق صغير الآن