الدكتور إبراهيم درويش يكتب : اطلالة على تسميد المحاصيل الزراعية
عملية التسميد هي عملية إضافة الأسمدة إلى التربة بهدف زيادة خصوبتها لرفع الإنتاج الزراعي.و تستخدم في عملية التسميد أسمدة كيميائية أو عضوية تضاف إما يدويًا أو بواسطة آليات بأشكال مختلفة منها الصلب ومنها السائل..و تعتبر عمليات التسميد من أهم العمليات التي يقوم بها المزارع لزيادة انتاجه وهى وسيلة جيدة لنمو النبات بصورة جيدة ورفع مقاومة النبات للاجهادات البيئية المختلفة والحد من إستخدام المبيدات الكيميائية بغرض الحصول على اعلى انتاجية وبقيمة غذائية عالية اوذات جودة مرتفعة والحد من متبقيات للمبيدات و نكون بذلك منتجين لغذاء صحي و أمن .
ومعلوم أن الاراضى المصرية أراضى رسوبيه أصلها رمال أما طبقة الطمى المتواجدة فى الوادى والدلتا فهى تكونت على مدار مئات السنوات بفعل الفياضانات من خلال نهر النيل كل عام فقد كانت مياه نهر النيل تأتى محملة مياه بالطمى الغنى بمعظم العناصر الغذائية ويجدد خصوبة الارض الزراعية المصرية بالإضافة الى أن المزاراع المصرى كان يقوم بعمل سماد عضوى بمهارة من خلال حظائره الذى كان يفترشها بالاتربة الجافة من الحقول ثم يجمعها بعد ذلك على رؤس الحقول ويخزنها لعدة شهور فقد كانت تتحول إلى سماد عضوى جيد يشبه إلى حد كبير مايسمى الكومبوست الآن وبالتالى فقد كانت الأرض الزراعية المصرية لاتحتاج إلى اضافة الأسمدة الكيماوية أو غيرها من المخصبات الزراعية
لكن بعد بناء السد العالى أدى ذلك إلى حجز الطمى خلف السد وبالتالى تم حرمان الأرض الزراعية من مورد هام للخصوبة بالاضافة إلى تحويل الزراعة المصرية من رى الحياض والتى كان يتم زراعة الأرض فيها مرة واحدة فى العام إلى الرى الدائم وبهذا أمكن زراعة الأرض أكثر من مرة فى العام وبالتالى زاد التكثيف الزراعى
ومع زراعة الأرض أكثر من مرة فى العام فى الوقت الذى قل معه الطمى بالإضافة إلى تغيير ثقافة المزارع وطريقة معيشته فقد غير شكل حظائرة وانخفض انتاج الأسمدة العضوية المتكونة من روث الحيوانات والتربة التى كان متعارف عليها .
مما أدى ذلك إلى استنفاذ العناصر الغذائية من الأرض اللازمة لنمو وانتاجية النباتات.
ولذلك أصبح التسميد من أهم العمليات الزراعية فهو مواد تضاف إلى الارض بغرض تعويض النقص من العناصر الغذائية فى التربة الناتج عن امتصاص النباتات لهذه العناصر حتى يستطيع أن يجد النبات كل احتياجاتة والتى تمكنة من النمو الجيد ويحقق أعلى عائد من الانتاج طبقا لقدرة الصنف الوراثية
وتتابن الزيادة فى الانتاجية للصنف طبقا لعدة عوامل من أهمها التسميد فقد وجد أن التسميد ادى إلى زيادة الانتاج بحوالى ربع الانتاج العالمى
والتسميد ليس عنصر واحد ولكنه مجموعة من العناصر وأهمها تسعة عناصر كيميائية تُسمَّى العناصر الكبرى وهي : الكربون والهيدروجين والأكسجين والفوسفور والبوتاسيوم والنيتروجين والكبريت والمغنسيوم والكالسيوم. كما تحتاج أيضًا إلى كميات أقل من عناصر أخرى تُسمَّى العناصر الصغرى، وهى هامة أيضا للنبات ولكن سمية بالعناصر الصغرى وذلك لأن النبات يحتاج إليها بكميات قليلة وأهم هذه العناصر البورون والنحاس والحديد والمنغنيز والموليبدنوم والزنك (الخارصين).
ويزوّد الماء والهواء النبات بمعظم احتياجاته من الكربون والهيدروجين والأكسجين، أما باقي العناصر، فيتم الحصول عليها من التربة .
ويزداد الأمر فى مصر حدة من عام إلى عام بتكرار الزراعة ولذلك نجد انه حدث اهتمام من الباحثين والمزارعين الكبار بالتسميد بالعناصر الكبرى والتى تسمى بالعناصر السمادية وهى النتروجين والفوسفور والبوتاسيوم والتى تحتاجها النباتات بكميات كبيرة وهناك عدد من المصانع لتصنيع الاسمدة الكيماوية حوالى 55% من انتاجها للتصدير و45% يوجه للداخل المحلى
كما تلاحظ فى السنوات الأخيرة نقص التربة الزراعية المصرية من العناصر الصغرى مع أهميتها للنبات ومع أن النباتات تحتاجها بكميات قليلة إلا أن المزارع اصبح مضطر لاضافتها لندرتها فى ارضة
ويقوم برشها على المجموع الخضرى ولها عدة مسميات تحت الكثير تبعا للشركات المنتجة لها تحت عنوان المخصبات الورقية.
التكلفة الاقتصادية للتسميد :
نتيجة لتكرار الزراعة وزيادة الاستنزاف العناصر الغذائية فى التربة كما ذكرنا فإنه لابد من تعويض الفقد من العناصر الغذائية عن طريق اضافة الأسمدة والذى أصبح كمياته تزداد من عام إلى أخر مما يؤدى إلى زيادة التكلفة الاقتصادية على المزارع
ولك أن تتصور أن كمية التسميد الموصى بها من الأسمدة الازوتية 120 وحدة ازوت للفدان أى حوالى 5 شيكارة يوريا لمحصول الذرة الشامية، وسعر شيكارة اليوريا كانت ينتج فى المصنع 230 جنية مضروبة فى 5 شيكارة يعنى 1150 جنيه فقط فى سماد النترات غير سماد الفوسفات والعناصر الصغرى الأخر ى، بخلاف باقى التكاليف من ايجار أرض وتكاليف خدمة وسعر التقاوى ومكافحة الحشائش والمبيدات وتكاليف الزراعة والرى والحصاد.
ويتراوح إسهام الأسمدة في تكلفة مستلزمات الإنتاج ما بين 12- 15% من تكلفة الإنتاج الكلى وهذا أمر يجعل المزارع المصرى فى وضع صعب ولولا أن هذه مهنته لترك ارضه
ومع احتياج الأرض إلى السماد إلا أن زيادة الأسمدة الكيماوية تعمل على تلوث البيئة بالإضافة إلى زيادة التكاليف ومن معوقات التصدير ذا كان الهدف من الزراعة التصدير فالاسواق الخار جية لاتفضل استيراد المحاصيل التى تسمد بالسماد الكيماوى.
وبالتالى بدأ الاتجاه إلى مايسمى بالزراعة العضوية أو الزراعة الحيوية إلا أنه مازالت أسعارها أعلى من الأسمدة المعدنية وبالتالى تؤدى ألى زيادة تكاليف الانتاج
بالاضافة إلى العائد الانتاجى من استخدامها منفردة مازال أقل من استخدام الأسمدة المعدنية .
وبالنسبة للمزارع المصرى و الدولة المصرية مازل الاهتمام بالكم عن الكيف وذلك لوجود فجوة غذائية فى معظم المحاصيل .
دور مهم للبحث العلمى :
ولكن مانود أن نركز عليه أن يعمل البحث العلمى على زيادة الأبحاث فى مجال السماد العضوى والحيوى حتى يتم إنتاج اسمدة تعطى أكثر إنتاجا وأقل تكلفة اقتصادية وأقل تلوثا.. وأن تقوم الأجهزة المعنية بحماية المزارع المصرى من أى منتجات غير أصلية وغير مسجلة وغير مدون عليها أى بيانات وغير معلومة الهوية
ومفهوم الزراعة النظيفة يعنى عدم استخدام مبيدات أو كيماويات، والأسمدة كيماوية لايوجد على ارض الواقع فى ظل التكثيف الزراعى وانتشار الأمراض والحشائش … إلخ
لكن لعل أهم نتائج الأبحاث العلملية الآن هو العمل على التكامل بين جميع أنواع الأسمدة من خلال تقليل الأسمده الكيماوية أو المعدنية إلى 50% من الكميات الموصى بها من الأسمدة المعدنية ويتم اضافة الباقى من الأسمدة الحيوية والأسمدة العضوية حتى يمكننا المحافظة على مستوى الانتاج العالى و تقليل التلوث البيئى والأضرار الناتجة عن التلوث المعدنى، لكن الأهم أن نضمن المزارع للحصول على الأسمدة العضوية والأسمدة الحيوية من مصادر مضمونة.
أ.د/ ابراهيم حسينى درويش – استاذ ورئيس قسم المحاصيل بزراعة المنوفية