مجدى حسين يكتب : هل أصابتك الحمى بسبب حصار غزة ؟! ( رسائل الإيمان)

ما يزال حديثى موجها أساسا لأهل مصر بحكم القرب والجوار لغزة, وبحكم أنه لا منفذ لأهل غزة إلا عبر مصر، وحصار غزة بدأ عام 2005 أى منذ خمس سنوات، عندما انسحب شارون منها وطلب من نظام مبارك تأمين ظهره، وسلمه محور (فيلا دلفيا) وهو خط الحدود بين غزة ومصر (حوالى 12 كيلو متر).
ثم تصاعد الحصار الإسرائيلى – المصرى عام 2006 بعد فوز حماس فى الانتخابات، ثم تصاعد أكثر بعد إحباط انقلاب عملاء إسرائيل (بقيادة دحلان) عام 2007، ثم تكليف النظام المصرى بخنق شعب غزة اقتصاديا وعسكريا، حتى ترفع المقاومة راية الاستسلام، وتتم إعادة تسليم غزة لعملاء إسرائيل من سلطة عباس.
وقد وقع مائة عالم إسلامى على بيان أو فتوى تقول إن محاصرة مسلمى غزة من نواقض الإسلام، وهم مشكورون, ولكن أين هم من متابعة هذا الموقف؟
ولماذا لم يتجمعوا فى قافلة لدخول غزة والاعتصام أمام معبر رفح حتى يفتح للبضائع والأفراد. كان العلماء والفقهاء فى زمن الازدهار الإسلامى لا يتخذون الفتاوى ويقعدون فى منازلهم، بل يتحركون ويحرضون الشعوب ويضغطون على الحكام للالتزام بالفتوى. ولكن يظل حديثى للمواطن المصرى, فموقف الإسلام واضح لا يحتاج لأى اجتهاد، انظروا لهذه الآية الرائعة فى وضوحها وبساطتها وصرامتها: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (الحشر: 7) الموضوع بهذه البساطة واليسر والوضوح، فمن منكم لم يقرأ هذه الأحاديث النبوية:
(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) – (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) – (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى) .
فهذا اختبار لصحة إيمانك وقوته، هل تنام قرير العين منذ 3 سنوات وأنت تعلم أن إخوانك فى غزة يواجهون يوميا مشكلة فى شربة ماء أو رغيف خبز، أو دواء أو علاج، وقد أصاب أطفال غزة أمراض سوء التغذية. وأن سكان 60 ألف منزل يعيشون فى العراء منذ 16 شهرا عندما دمر العدوان الصهيونى منازلهم، وحكومة مصر “الدولة الإسلامية” تمنع عنهم مواد البناء امتثالا لأوامر إسرائيل، بل تمنع عنهم مواد الغذاء، حتى نبش الغزاويون الأرض لإدخال الغذاء عبر الأنفاق، واستشهد منهم العشرات بسبب الهدم الإسرائيلى والمصرى لهذه الأنفاق، بل شمرت حكومتنا عن سواعد الجد لبناء جدار فولاذى تحت الأرض لإحكام تجويع أهل غزة، تحت إشراف أمريكى وبتمويل أمريكى.
وإذا لم تكن تصيبك نوبات من السهر والحمى بسبب معاناة أهل غزة فتشكك فى إيمانك أو تأكد من نقصان إيمانك أو ضعفه. إن أسطول الحرية ضم من اليهود أكثر من المصريين، ضم أكثر من 650 ناشطا من 35 دولة ولم يكن بينهم إلا اثنين من المصريين!!
من المفترض – رغم كل مشكلاتنا الداخلية التى نعانى منها – أن نعلن حالة الطوارئ الشعبية وإعلان الانتفاضة على هذه الحكومة حتى تفتح معبر رفح للبضائع والأفراد بدون شروط إلا الشروط التى تطبق فى باقى المعابر المصرية مع ليبيا والسودان والأردن (وإسرائيل مع الأسف).
نحن نتعبد بالقرآن الكريم، ولكن حكامنا يقولون إن اتفاقية المعابر التى وقعت عام 2005 أكثر قدسية من القرآن. وهذه الاتفاقية وقعتها سلطة عباس مع إسرائيل والإتحاد الأوروبى, لفتح معبر رفح للأفراد, وأن لا تدخل مصر أى بضائع لغزة إلا عبر معابر إسرائيل (العوجة – كرم أبو سالم)، ورغم أن الإتحاد الأوروبى انسحب من الاتفاقية، ورغم أن الاتفاقية سقطت لأنها لم تجدد وهى تجدد كل عام.
إلا أن حكامنا يعتصمون بها لستر عورتهم، يسترون عورتهم بورقة توت لم تعد موجودة أصلا؛ ويلتزمون بها رغم أن الموقعين عليها لا يلتزمون بها، فإسرائيل لم تلتزم بفتح معبر بين غزة والضفة الغربية، ولكن حكومة مصر تلتزم بنص الاتفاقية المتعلق بها، ورغم أنها أصبحت ملغية منذ 3 سنوات، ولا قيمة لها بمعايير القانون الدولى.
ولكن حتى وإن كانت موجودة ومصر موقعة عليها فإنها ساقطة من وجهة نظر الشريعة الإسلامية, فلا قيمة لأى عقد أو اتفاق يخرق مبادئ أساسية فى الشريعة فإذا كانت الاتفاقية تضمن تحكم إسرائيل فيما يدخل ولا يدخل للقطاع رغم أنها انسحبت منه, فإنها لا تساوى الحبر الذى كتبت به لأن قرآننا يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وقد كانت أول غزوة للرسول صلى الله عليه وسلم ليهود المدينة بسبب أنهم كشفوا عورة امرأة مسلمة واحدة, وهى الحادثة التى أدت إلى مقتل مسلم واحد بعد أن قتل اليهودى الذى كشف عورة المسلمة.
أما الآن 1500 شهيد و5 آلاف مصاب ومعاق, فى عدوان 2008 /2009 لم تدفع نظامنا إلا لتحميل حماس المسئولية!! ثم مواصلة تشديد الحصار, ثم مكافأة إسرائيل بالمزيد من الغاز الرخيص، بعد إقامة سوق مشتركة مع إسرائيل اسمها (الكويز) بدلا من إقامة سوق مشتركة مع العرب والمسلمين!
إن حكام مصر يعلنون الحرب على الله ورسوله (وليس على أهل غزة) ويستهزئون بثوابت العقيدة ونصوص القرآن والسنة, بل يتبجحون بالقول (لابد أن ننأى بالدين عن السياسة)، وإذا لم يكن بإمكاننا الخلاص منهم بصورة فورية، فالواجب أن نهب فى وجوههم لإنهاء دور مصر فى سحل مسلمى غزة، وإذا نجحنا فى ذلك فإن الطريق سيكون مفتوحا لخير كبير، فسنتعلم أن بإمكاننا أن نرفع الحصار عن شعب مصر أيضا.
سجن المرج – 2009 .. وأتعجب من لهجتها الحادة الآن لأن ظروف الحصار والأنفاق كانت أخف بكثير من الآن وأعيد نشرها لأن المبادىء العامة لاتزال صحيحة وأهمها إعلاء علاقة الموالاة مع الشعب الفلسطينى وسائر الشعوب العربية .