الدكتور حمدى المرزوقي يكتب : ايها السادة ..انه الهزل في موطن الجد.. ( كلمة حق)
تتردد في الآونة الأخيرة..نبرة تشاؤمية في الكثير من مناطق الإنتاج ومراكز البحث العلمي ..تخفي وراءها الرغبة الملحة في قفل وإغلاق جهات الإنتاج المعطلة او حتي التي أصابها العطب نتيجة اسباب عديدة ..منها ماهو مادي او مالي ونتيجة تدني الميزانية او اداريا نتيجة سوء اختيار البعض لمواقع المسؤلية ..ولقد سبق ذلك الهجمة الشرسة علي مصانع ( الزعيم ناصر ) ..المنتشرة في ربوع مصر وخاصة مصانع الغزل والنسيج والتي ساهمت بشكل جذري في حل مشكلة البطالة في مصر وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والأمني والاقتصادي وكان الفائض من الإنتاج..يصدر الي الخارج ثم أصبحت منذ فترة طويلة معطلة عن العمل ..ولهذا جري التفكير في بيعها بثمن بخس ..
والأمر العجيب ان تفكر الدولة في انشاء مصنع للغزل والنسيج في المحلة الكبري ..قلعة صناعة الغزل والنسيج في مصر وذات السمعة العالمية بدلا من مصانع الاقتصادي الوطني الشهير ( طلعت حرب ) ..أما كان من الممكن دراسة إمكانية تحديث تلك المصانع ذات الشهرة العالمية ..إنتاجا وجودة ألا يحتاج الأمر الي مراجعة ..
وما يجري في مصانع الغزل والنسيج يجري في مصانع الحديد والصلب وبأصرار منقطع النظير ..الحديد والصلب ياسادة هو عماد الصناعة الوطنية في اي مجتمع ..مازلت اتذكر مقولة للزعيم السوفيتي الراحل / لينين يقول فيها ..إن عظمة اي أمة تقاس بمقدار تقدمها في صناعة الحديد …
ان أعجب ماتراه حاليا يجري او يتم التفكير فيه هو مايجري علي اراضي محطات بعض البحوث وخاصة محطات بحوث الإنتاج الحيواني بحجة انها لا تعمل بطاقتها بل انها أصبحت عبئا علي الجهاز الإداري للدولة ..اذن فلابد من بيعها او تأجيرها او حتي طرحها للمشاركة مع القطاع الخاص ..وقد يتناسي هؤلاء ان البحث العلمي ..أمن قومي وخط احمر ينبغي عدم الاقتراب منه او المساس به ..
مازلت اتذكر احدي تلك المحطات ( والتي كانت يوما ما رائدة ومنارة من منارات العلم في الدلتا كلها ) ..وكنت انا شخصيا مديرا لمحطة البحوث المجاورة لها وتربطني بمديرها وبحكم وظيفتي ..علاقة زمالة وصداقة قوية وكنا نتزاور باستمرار من أجل صالح العمل والتعاون بيننا ..كان زميلي يحمل درجة الاستاذية في احدي فروع الإنتاج الحيواني ..وكان نعم القيادة الإدارية والعلمية ..وترك بالمحطة ثروة في مختلف فروع الإنتاج الحيواني ( البقر والجاموس والماعز والدواجن والارانب ) ..
سلالات ممتازة لاتقدر بمال..وكانت المحطة مزارا دائما للجميع ومن مختلف طوائف الشعب المصري والجامعات ..
أنني أتساءل اذا كانت هناك معوقات عن أداء الرسالة في اي موقع انتاجي او بحثي او علمي ..هل نطلق عليه ( رصاصة الرحمة ) ..من باب الشفقة او حتي نستريح ..ام نبحث عن اسباب الإعاقة والاحباط والهبوط او التردي ..وندفع لها بالحلول السريعة والمناسبة ..
ايها السادة مازلت اتذكر ايام الدكتور والي ..يوم ان وصلنا الي حد الاكتفاء الذاتي من إنتاج البيض والدواجن ..وكان ثمن أكبر دجاجة بيضاء لايصل الخمس جنيهات ..ثم نخر السوس في البنيان مع دعوات الإصلاح الاقتصادي والخصخصة ..
حتي وصل سعر كجم من الدواجن البيضاء الآن الي ما يقرب من ١٥٠ جنية ..وللعلم انا شخصيا لست ضد الخصخصة ..ولكن انا مع مصلحة المواطن البسيط وحق الدولة في الضرائب ..ومازلت اتذكر اول حوار صحفي للسيد وزير المالية الحالي د.معيط في بداية تولية حقيبة وزارة المالية مع الاستاذ الصحفي – نقيب صحفي مصر في ذلك الوقت ..وجاء علي لسان وزير المالية ..انه بلغت جملة التهرب الضريبي من بعضهم في ذلك الوقت حوالي ٤٠٠ مليار جنيها مصريا ..
أنني ارفع الأمر الي القيادة السياسية الواعية وخاصة في تلك الفترة الحرجة من حياة الأمة..واكررها ان البحث العلمي في مراكز البحث العلمي المختلفة والجامعات خط أحمر..يحتاج الي الدعم والتشجيع وليس الي الاحباط واليأس بين الحين والآخر..إن البحث العلمي هو قاطرة الأمة نحو البناء والتنمية والاستقرار
واسلمي يا مصر انا لك الفدا
أ.د حمدي المرزوقي
وكيل وزارة سابق