الدكتور جابر نصار يكتب : لماذا تحتاج الزراعة إلي رعاية الدولة ؟
تمثل الزراعة عمود الخيمة بالنسبة لحياة المصريين ، فقد إرتبطت حياتهم ، وأسلوب معيشتهم ، وإقتصادهم ، وحضارتهم بالنيل .
ويندر أن لايكون للعائلات المصرية أصول أو فروع تعمل بالزراعة ، كما أن إرتباط المصريين بالأرض كان دوماً دافعاً للحياة عليها . وكان ومازال شغل الكثيرين الشاغل قطعة أرض يزرعها _ ويحيا فيها بين أربعة جدران _ تستره وذويه .
حتي أن كثيراً من أغنيائه لهم إرتباط بالأرض ، دون النظر إلي عائدها الإقتصادي المباشر (الأرض قيمتها فيها ) هكذا ثقافة كثير من المصريين .
ولكن للأسف ؛ تم إهمال الزراعة _ يوماً ما _ وهرب المزارعون إلي دول النفط ، وتوحش الإعتداء علي الرقعة الزراعية بصورة لم تستطع القوانين المتلاحقة في الثلث الأخير من القرن الماضي وبدايات هذا القرن علي مواجهتها ، للأسف الشديد .
علي أننا نري أن عدم الإهتمام بالزراعة وجعلها مشروعاً قومياً لمصر الدولة ، ومصر الشعب وتدني عوائدها وأنهيار الحالة الإقتصادية للفلاح والمزارع والعامل الزراعي ساهم في مشكلة تبوير الأرض والتحايل علي إعطابها ( مش جايبة همها ) !! بشكل كبير .
لماذا تحتاج الزراعة إلي رعاية الدولة ؟ ولماذا يجب الإهتمام بعناصر المنظومة الزراعية (أرض وبشر ، ومحصول ).؟
ببساطة لان إنتاج السلع الزراعية ليس كإنتاج المصانع يمكن التحكم في مخرجاته ، وتوقيت إخراجه إلي السوق .
فإنتاج الأرض يأتي في مواسم الحصاد لاسيما المحاصيل الرئيسية التي يتوقف عليها حياة الإنسان وإقتصاديات الدول وهي مواسم تحددها ظروف المناخ وطبيعة المحاصيل والدورة الزراعية .
ولذلك لايتصور أن يخضع تسعير هذه المحاصيل للعرض والطلب وإقتصاديات السوق ، لأنه في هذه الحالة سيتلاعب التجار بالفلاح والمزارع البسيط ، وتتضاعف خسارته حتي يصعب عليه جني محصوله وتسويقه أو حتي إخراجه من الأرض وبدء دورة زراعية أخري .
هذه لاشك سياسة دهس الفلاح والقضاء علي المهنة ، ومن ثم تبوير الأرض ، والتي يجب أن تنتهي تماماً .
المشهد المؤلم الذي نري فيه الفلاح يبكي أمام زرعه وغرسه في أرضه ، لأن تكلفة حصاده أغلي من ثمن بيعه ، يجب أن ننتبه إليها جميعاً ، فهي كارثة وطنية بإمتياز . ويجب معالجة أسبابها ومساندة الفلاحين وجعل الزراعة أولوية قصوى .
ويستدعي أيضاً بالضرورة إعمال النص الدستوري (٢٩) من دستور ٢٠١٤.
حتي يعود لأغنية عبد الوهاب معناها ( ماحلاها عيشة الفلاح ….) اللي بني مصر كان في الأصل فلاح .