اللحوم الحمراء وطرق الحفظ الطبيعية المختلفة

 تعد اللحوم الحمراء من الأغذية الضرورية للإنسان نظرًا لإحتوائها على مجموعة متكاملة من العناصر الغذائية اللازمة فهي تقدم العديد من الفوائد منها :

• الوقاية من فقر الدم الناتج عن نقص الحديد حيث تحتوى اللحوم على نسبة لا بأس بها من الحديد الذي يساعد خلايا الدم الحمراء على نقل الأكسجين للخلايا. تجدر الإشارة إلى أن امتصاص الحديد من المصادر الحيوانية كاللحوم الحمراء يكون أفضل مقارنة بالحديد من المصادر النباتية كالسبانخ.

• تعزيز المناعة حيث أن اللحوم الحمراء تحتوي على عنصر الزنك وهو عنصر ضروري لتعزيز واستقرار تركيب الحمض النووي في جسم الإنسان و إصلاح أى تلف يحدث به والتعبير الجينى من خلال تنظيم عمل الجينات.
• تعزز من صحة الجهاز العصبي لمحتواها الغني بفيتامينات ب المتعددة مثل فيتامين B6 وفيتامين B12.
• كما أنها تعزز من صحة العظام حيث أن اللحوم الحمراء غنية بعنصري المغنيسيوم والفسفور.
• وأيضا زيادة الكتلة العضلية لإحتوائها على  البروتينات الضرورية لذلك.

وعلى الرغم من ذلك فإن اللحوم الحمراء قد تحمل بكتيريا خطيرة التى يكون لها أثر سلبى على صحة المستهلك  لذا من المهم تخزينها وطهيها وتناولها بشكل مناسب ومعرفة الطرق الصحيحة للتعامل السليم مع اللحوم وحتى لا تفقد أيضا أى من عناصرها الغذائية الضرورية.

منذ القدم  تستخدم المواد البسيطة والطرق التقليدية فى حفظ اللحوم مثل استخدام الملح والتدخين والتجفيف والتخمير والنقع في الماء المالح وغيرها من الإجراءات التي كانت تستخدمها الحضارات القديمة للحفاظ على الأغذية من التلف والفساد والحصول على قِيَم غذائية عالية.

تستفيد تقنيات حفظ اللحوم أيضاً من الفطريات والبكتيريا النافعة المستخدمة فى تصنيع الأغذية الصحية وإستخدام المواد الحمضية  والأملاح والتوابل للحوم لإضافة  نكهات متنوعة إليه.
تعتبر طرق الحفظ القديمة مهارات مهمة يجب أن تتعلمها الأجيال الحديثة فهي أساليب ذكية واقتصادية للحفاظ على الأغذية وتقَليل النفايات وحماية البيئة وذلك بجانب الحصول على وجبات ذات جودة عالية وصحية. لا تحتاج هذه التقنيات إلى أجهزة معقدة أو تكلفة عالية فهي بسيطة وسهلة التطبيق وتساعد في اتباع نمط حياة صحي وتقليل هدر الغذاء والمال. أضيف إلى ذلك الإستمتاع بنكهة لا تُقاوَم فالأغذية التي تحفظ بطرق تقليدية تتمتع بمذاق ورائحة فريدة كما يوفر لك ذلك الوقت والمجهود اللازمين لتجهيز الغذاء.

  يُستخدم التجفيف كطريقة لتخزين اللحم لفترة طويلة دون تلفه حيث يتم إدخال الهواء الساخن إلى المساحة المخصصة بتخزين اللحوم وتعد طريقة التجفيف أكثر استخداماً في بعض المناطق الجافة ذو الرطوبة المنخفضة حيث يتم جفاف اللحم لمدة تصل إلى أسبوع ومن ثمّ يتم تخزينه لفترة أطول وبهذه الطريقة يمكن الحصول على لحم محفوظ لفترة طويلة.

–  كما أن التمليح يعتبر إحدى الطرق الخاصة بحفظ اللحوم وحمايتها من الفساد حيث يتم وضع اللحم في محلول ملحي يحتوي على نسبة عالية من الأملاح ما يؤدي إلى خلو اللحم من الرطوبة وتقليل فرص نمو البكتيريا التي تؤدي إلى تدهور صلاحيته ويعتبر الملح أحد أشهر المواد التي تستخدم في حفظ اللحوم لفترة طويلة و يساعد الملح على الحد من نمو البكتيريا وتعفن اللحم.

يمكن وضع اللحوم في محلول ملحي لمدة من 12 إلى 24 ساعة ومن ثم تتم عملية التخزين في علبة محكمة الإغلاق دون الحاجة للثلاجة أو الفريزر. وعلى الرغم من أن  الكثير من الناس يواجه صعوبة في حفظ اللحم خلال فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة ويصبح من الصعب الاحتفاظ بنوعية اللحم. ومع ذلك كان القدماء يتمتعون بالخبرة في حفظ اللحوم والاستفادة منها طوال العام عن طريق استخدام الملح والتدخين حيث كانوا يضعون اللحوم في ملح خشن لفترة طويلة ويدخنونها بأنواع مختلفة من الأخشاب لتحسين نكهتها وتحميصها.

يُعد السكر من المواد الطبيعية التي تفيد في حفظ اللحم لفترة طويلة حيث يساعد في إبطاء نمو البكتيريا. يمكن وضع اللحم في علبة السكر وتخزينه في مكان بارد لتجنب تعرضه للهواء.

من طرق حفظ اللحم الشائعة الأخرى هي التجميد حيث يمكن تجميد اللحم في الفريزرعند -18 درجة مئوية. ويعتبر تجميد اللحوم أيضًا من الأساليب الفعالة للحفاظ على جودتها وتمديد مدة صلاحيتها. إلا أنه من المهم الانتباه لمدة التخزين الأمثل.

ويجب الحرص على تجنب التعرض لإرتفاع درجة حرارة الحفظ  للحد من تدهور العناصر الغذائية للحوم كما ينصح الخبراء باستخدام وعاء محكم الإغلاق لتخزين اللحوم في الثلاجة أو الفريزر لتفادي تلوثها بالبكتيريا. كما  يجب أن يتم تفقد اللحم قبل تناوله للتأكد من سلامته.

وأيضاً يمكن حفظ اللحوم لمدة أطول باستخدام بعض النباتات والأعشاب المختلفة مثل الثوم والزعتر والبقدونس والكزبرة وغيرها. يمكن ايضاً إضافة الحبوب العطرية مثل الهيل والقرفة والفلفل لتحسين نكهة اللحوم المحفوظة والحفاظ على جودتها.  نادرًا ما يفكر الأشخاص في استخدام الأوراق والأعواد العطرية في حفظ اللحم. تستخدم الأوراق العطرية مثل الزعتر والريحان لإضفاء نكهة مميزة على اللحم كما أنها تمنح الفرصة لتخزين اللحم لفترة أطول. يستخدم الثوم الطازج بشكل واسع في عملية حفظ اللحوم حيث يمتلك تأثير مضاد للبكتيريا والفطريات.
وأيضا يمكن إضافة الزعتر الطازج أو المجفف للحوم المحفوظة فهو يساعد على تجفيف اللحوم. ويستخدم البقدونس والكزبرة كمواد طبيعية لحفظ اللحوم حيث يمنحان نكهة طيبة ويحافظان على جودة اللحم لمدة أطول.

قد يشكل إستخدام ورق الجريش فترة أطول لحفظ اللحوم  لأن ورق الجريش يساعد في امتصاص الرطوبة و يمكن تخزين العلبة في مكان بارد وجاف.
يعتبر المُر إحدى الأعشاب العطرية التي يمكن استخدامها لحفظ اللحم لفترة طويلة  حيث يمكن خلطها مع الملح وتوزيعه على اللحم لتعطي نكهة مميزة وتمنح الفرصة لتخزين اللحم لفترة أطول.
وأيضاً يوفر زيت الزيتون العديد من الفوائد للصحة كما أنه يمكن استخدامه لحفظ اللحم لفترة أطول. يكفي تغطية اللحم بزيت الزيتون وتخزينه في مكان بارد وجاف لبضعة أيام أو أسابيع. وضع زيت الزيتون على اللحم يساعد في حفظه من الفساد لأنه يؤخر عملية التلف ويجعل اللحم رطباً.

كما تؤكد الأبحاث على فوائد استخدام الأعشاب والنباتات في حفظ اللحوم فهي تحسن طعم اللحم وتحافظ على نضارته لفترة أطول بدون استخدام المواد الكيميائية. وينصح بتجفيف النباتات المستخدمة بعناية قبل إضافتها إلى اللحم.

بشكل عام يمثل استخدام النباتات والأعشاب في حفظ اللحوم خياراً طبيعياً وصحياً ويتيح الحفاظ على جودة اللحوم لمدة أطول والتخلص من المواد الكيميائية المضرة. تضاف التوابل والأعشاب الطبية إلى الغذاء منذ القدم ليس فقط كإضافات غذائية تعطى نكهة أو رائحة مميزة للغذاء  ولكن أيضا تستخدم كمواد حافظة لإطالة عمر وصلاحية المادة الغذائية وحمايتها من التلف والفساد وذلك من خلال تأثير المواد الفعالة الموجودة فى هذه التوابل والأعشاب والتى لها تأثير مضاد للميكروبات و الفطريات بالإضافة إلى ذلك فإن لها تأثير مضاد للأكسدة فبذلك تمنع عملية تزنخ الغذاء . وفي السنوات الأخيرة حدثت زيادة هائلة فى الاهتمام باستخدام مواد طبيعية مثل التوابل الأعشاب ومستخلصاتها.

وقد اكتشف العلماء المختصين أن لهذه المستخلصات النباتية الطبيعية فوائد عظيمة جد اً فهى أمنة أى لا تسبب أى مشاكل صحية للمستهلكين وتصنف عالمي اًعلى أنها إضافات غذائية آمنة ومصرح إضافتها للغذاء كما أنها متاحة وليس لها أى آثار جانبية أو أى تأثير سام مقارنة بالمواد الكيماوية والمضادات الحيوية التى تستخدم كإضافات لحفظ المواد الغذائية والتى ثبت أخيرا أن لها تأثيرا مسبب للسرطان مثل (مركبات النترا ت والنيتريت)  كما أن لها آثار جانبية فى منتهى الخطورة على صحة المستهلكين. ولذلك تأكد أن كثير من المنتجات النباتية التى لها تأثير مضاد للميكروبات يمكن أن تستخدم كإضافات غذائية لكى تمنع نمو البكتيريا والفطريات فى الغذاء.

أمثلة للأعشاب التى تضاف لحفظ اللحوم :

السماق:  (Sumac)
يعتبر السماق نبات عشبي معمر ينبت عادة في الصخور وله ورق لونه أحمر (قاني) وله ثمار عنقودية وهي الجزء المستخدم وتحتوي على جلوكوزيدات فينولية وسيترولز وتربينات ثلاثية وزيت طيار. ولثمار السماق تأثير مضاد للبكتيريا والفيروسات. أيضا يستخدم السماق كنوع من التوابل وخاصة فى أطباق اللحوم والأسماك والكباب واللحوم المشوية والسلاطات المصاحبة لها.
الزعتر: (Thyme)
أما بالنسبة للزعتر فإنه يستخدم سواء كان طازجاً أو جافاً فى الطبخ ويستخدم الزيت الطيار للزعتروالذي يوجد به المواد الفعالة القاتلة للميكروبات كأحد المكونات الرئيسية لعدد كبير من الأغذية لإضافة النكهة والرائحة المميزة. كما يستخدم الزعتر أيضاً فى مختلف الأغراض الطبية العلاجية لأن له خصائص عديدة  كمضاد للتقلصات ومطهر بالإضافة طبيعى إلى أن له تأثير ضد البكتيريا الممرضة وكذلك المسببة لفساد الأغذية.
• يعتبر أيضًا الخل واحدة من المواد الطبيعية التي تستخدم لحفظ اللحوم لفترة طويلة. يمكن وضع اللحم في علبة محكمة الإغلاق وإضافة قليلا من الخل وتخزينه في مكان بارد وجاف.
• يمكن أيضاً وضع اللحم في عصير الليمون لحفظه لفترة أطول لأن الليمون يمنح الفرصة لتعزيز المذاق وتجنب التعفن. يمكن وضع اللحم في خليط من عصير الليمون والملح لفترة قصيرة قبل التخزين في علبة محكمة الإغلاق دون الحاجة للثلاجة أو الفريزر.
مما سبق يتضح أن إستخدام البدائل النباتية المنشأ الطبيعية كإضافات للأغذية يعد من العوامل الملحة فى الوقت الحالى بديلاً عن الإضافات الصناعية التى قد تشكل خطورة على صحة المستهلك حيث أن البدائل الطبيعية تزيد من ثقة المستهلك وتعتبر إحدى أهم متطلباته الأساسية.

غادة عبد الحكيم عبد الحميد:  باحث

معهد بحوث الصحة الحيوانية معمل بيطرى شبين الكوم – مركز البحوث الزراعية – مصر