أخباررئيسيمجتمع الزراعةمقالات

الدكتور إبراهيم درويش يكتب : ماهى بصمتك فى الحياة ؟ (نفحات الجمعة)

ماهو الأثر الذى أحدثته فى أولادك او مجتمعك أو وظيفتك او عند انتهاء عمرك فى الحياة …فبعض الناس تعيش وتموت بلا أثر ، والبعض الآخر هو الذى يحدث فارق وتكون له بصاماته الواضحة ولاتنساه الناس لطيب الأثر الذى يحدثه وللتغير الايجابى الذى يتركه فى حياته ..ويظل شاهدا له بعد وفاته….

صحيح أن هناك عدة بصمات تميز كل شخص عن الاخر. فلايوجد اثنان متشابهان فى هذه البصمات مثل: بصمات الأصابع، وبصمة العين، وبصمة الصوت،…وبصمة الشفاه، وبصمة الرائحة، وبصمة الأذن،. وبصمة اللسان ، وبصمة العرق ، وبصمة الأسنان ،وبصمة الشعر، وبصمة الحمض النووي.،وبصمة الوجه..
وهذه البصمات كلها تترك جميعها آثاراً مميزة تميز كل شخص عن غيره لكن هناك بصمة اخرى هى ألاهم التى نقصدها فى هذه المقالة وهى التى يحاسب عليها الناس فى الدنيا ويوم القيامة امام الملك الديان…
ماذا قدمت ..وماذا فعلت فى كل مسؤولية منحك الله اياها واختارك لها .والامانات التى كلفت بها ..وماهو الاثر الذى تركته من بعدك انتهاء مهمتك او وظيفتك التى كلفت بها او انقضاء عمرك وانتهاء أجلك….

بالتأكيد الناس تتباين فلكل انسان بصمة شخصية فى افكاره وقناعاته تنعكس على علاقاته واداء عمله وسلوكياته وطريقة ادائه لمسؤولياته سواء كان زوجا او ابا ..أو مهام وظيفته وجهوده التى تميزه عن غيرة والتى يصنع بها فارقا فى الحياة ويحقق بها النجاحات وتجعل البشر تشير اليه وتضعه على منصات التكريم وفى لوحات الشرف..او تضعه فى مزبلة التاريخ ..

والناس فى ذلك على ثلاثة اقسام

القسم الاول..الشخص الذى ليس له اثر ايجابى او سلبى

وهم اكثر الناس.. وهو الشخص الذى لم يعى أمانة التكليف والمسؤولية ويعيش لنفسه فقط بلا هدف او غاية او رسالة ..مثل هذا الشخصيات ينساهم الناس وينساهم التاريخ وكان هذا الشخص لم يكن موجودا…ولم يمر ذكره فى الحياة ولم يشغل هذه الوظيفة او يعيش هذه المرحلة .لانه لم يترك اثرا يدل عليه اوبصمة يذكر بها
.ولم يجتهد فى ان يسطر له تاريخا يرتبط به ..ولم يستفيد من قيمة حياته او الفرص التى منحها الله إياه.. وقابل كل ذلك بالاهمال والتخاذل والتكاسل ..مع انه مسؤول امام الله عن حياته وعن افعاله و أقواله و عن ماله من اين اكتسبه و فيما انفقه؟ وعن شبابه وعمره فيما أفناه؟ لأن الحق سبحانه لم يخلقنا عبساً ولاسدى فنحن خلائف الله فى الأرض علينا تعميرها وترك آثارنا البناءة فيها فنحن مخلوقون لذاك الهدف.. يقول تعالى (﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾

القسم الثانى :الشخص  صاحب الاثر السيئ

صاحب هذه الشخصية يكون له ذكر سيئ ويسعى فى الارض فسادا وامثال هذه الشخصيات عندما يرحلون يتركون خلفهم آثارهم الضارة والمدمرة على نفوس من تعاملوا معهم ..او على البشرية ..وعندما يذكر اسمهم تصحبهم اللعنات وامثال هؤلاء كثر….ويأتى فى المقدمة قابيل بن آدم الذى اول من ارتكب جريمة قتل وقعت على سطح الأرض بقتله هابيل ! ولذلك عليه وذر كل من قتل بعد ذلك الى قيام الساعة .. والنمرود بن كنعان هو أول من تجبّر في الأرض وادّعى الربوبية وقال انا أحى وأميت ..والسامري اليهودى يهودية وهو أول من بدّل وحرّف دين اليهود وصنع لهم عِجلاً جَسداً له خوار ، فأضلَّ كثيراً من بني إسرائيل، ودعا عليه موسى !….وفرعون موسى الذى قال انا ربكم ألاعلى ….وعمرو بن لحي الخُزاعي أول من بدّل دين العرب من الحنيفية دين إبراهيم واسماعيل إلى الوثنية حيث أدخل الأصنام لتُعبد من دون الله بالجزيرة العربية، و أبو جهل وهو عمرو بن هشام بن المُغيرة ولد سنة ٥٧٢ م كان من أشد المعادين للنبي ﷺ وكنيته أبو جهل أو فرعون الأمة وهو أول من قتل مُسلماً ! وأبو لهب واسمه عبد العُزّى بن عبد المطلب وهو عم الرسول محمد وكنيته أبو عُتبة مات سنة ٦٢٤م ولقبه أبو لهب لوسامته وإشراق وجهه ، وهو من صرّح بعداء الرسول الكريم والإسلام ، أنزل الله فيه قرآن بذمّه وتوعده بالنار ! وعبدالله بن أُبي بن سلول وكان رأس المنافقين واتهم عائشة زوجة النبي في عِرضها . وأبو لؤلؤة المجوسي :وهو من قتل الفاروق عمر بن الخطاب ! وعبدالله بن سبأ (ابنُ السوداء) وهو يهودي من اليمن ، هو من أشعل الاضطرابات والاحتجاجات ضد الخليفة عثمان بن عفان وهو أول من أظهر الطعن والشتم في الصحابة وخصوصاً أبي بكر وعُمر وعائشة ، وهو من وضع أُسس مذهب الروافض الإثني عشرية ! ..و هولاكو وهو حاكم منغولي ولد سنة١٢١٧م أسقط الخلافة العباسية ودمّر بغداد وحلب والكثير من المدن الاسلامية !

و آرثر جيمس بلفور وهو سياسي بريطاني ولد سنة ١٨٤٨م في شهر نوفمبر من عام ١٩١٧م أصدر وعده الشهير بتمكين اليهود من فلسطين وبسب هذا الوعد عاش شعب بأكمله مرارة القتل والتشريد إلى ألآن ..
وموسوليني حاكم إيطالى الذى قتل مئات الآلاف من المسلمين خصوصاً في ليبيا !..و أدولف هتلر :سياسي ألماني نازي ، أشعل فتيل الحرب العالمية الثانية عام ١٩٣٨م والتي حصدت ٥٠ مليون انسان ..

وغيرهم كثير على مستوى الدول وعلى مستوى المؤسسات وعلى مستوى الاسر ..هؤلاء يذكرهم الناس والتاريخ باقبح الصفات المشفوعة بوابل من اللعنات ويسجل التاريخ اسماءهم و اعمالهم فى القائمة السوداء

القسم الثالث ..الشخص الذى يترك اثرا طيبا

وهو الشخص الذى يراعى الله فى عمله ومسؤولياته ويعلم انه صاحب رساله ويتحلى بمكارم الاخلاق ويترك أثراً طيباً… يبقى عطره عالقٌ بالأذهان… عند ذكر اسمه يظفر بدعوة من قلب صادق أو روحٍ أحبته أو نفس وفية
وهؤلاء ما زالت آثارهم بارزة ذات ملامح برَّاقة وواضحة تسر الناظرين ..وهناك نماذج كثيرة لهذه الشخصيات التى تركت اثرا جميلا وطيبا ..الى ألان .واهمهم فى التاريخ كما يقول مايكل هارت صاحب كتاب كتابه الخالدون مائه أعظمهم محمدواختار فى كتابه الشخصيات التى احدثت اثرا طيبا انعكس بصورة ايجابية على الناس يذكرون به إلى ألآن حتى بعد موتهم ووضع على رأس المائة النبى محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء والمرسلين الذى حول قبائل متفرقة متناحرة الى اعظم امة خلال ثلاثين عاما ،و من المائة اسحاق نيوتن الانجليزى واضع قوانين الحركة.والمسيح عيسى وموسى عليهما السلام ،و يوهان جوتنبرج الالمانى , مخترع الطباعة. وكريستوف كولمبوس الايطالى مكتشف امريكا.

و البرت اينشتين الالمانى , صاحب النظرية النسيبية.
وعلى مستوى الدول وعلى مستوى المؤسسات وعلى مستوى الاسر تجد نماذج محترمة تركت اثرا جميلا. وذكريات طيبة فهناك شخصيات طيبة تذكر عند كل انتصار ..وشخصيات اخرى سيئة تذكر عند كل انكسار …

وصايا مهمة لترك الاثر الطيب

١- كن فى الدنيا كعابر سبيل واترك وراءك كل اثر جميل فمانحن فى الدنيا الا ضيوف وما على الضيوف الا الرحيل، واترك فى كل طريق تمر بة حديثا لطيفا، ابتسامة لصديق، زهرة بيضاء ،اثر جميل..ودع الاماكن تذكرك بخير ولو نسوك البشر…
٢–إزرع في المجتمع حب الخير والأثرة والصفاء والعطاء والتماسك والتآزر والتكافل وجميل الصفات والأعمال والأقوال

٣– فى كل خطوة اجعلها ذكر لله حتى تشهد لك خطواتك يوم القيامة…واعلم بإن إرضاء الناس غاية لا تدرك.. ولكن ما يمكن أن تدركه بأعمالك وأفعالك وسجاياك ومعاملاتك مع الآخرين.. هو أن تترك فيهم أثرًا طيبًا، يبقى من بعدك، ويكون لك إرثًا ممتدًا عبر الأزمان وعبر القلوب وعبر الحياة…

٤– الناس فى الدنيا قد تنسى ماقدمت ، لكن الله يحفظه لك فى الاخرة فى كتاب لايضل ربى ولاينسى ..
٦– كل شخص منا تحت التقيم المستمر ليس بالشكل ولكن بالافعال والممارسات التى يقوم بها كل منا ..فإما ان تكون له او عليه ..
وعليك ان إن لم تستطع ان تترك أثر جميلا فلا تترك عكس ذلك.. فإن عدم ذكرك أفضل من ذكرك بسوء…
٧– أثر الشخص ليس حصرا على من يعرفهم بل إنَّ الأثر الطيب له تأثيره السحري على الفرد والمجتمع ، فهناك من يتابعه وهو لايدرى او يقرأ سيرته بعد ذلك فيتخذه نموذجا وقدوة له ، ويسلك الطريق الذي سلكه ….

٨–الأثر الطيب الذي يتركه المرء بعد وفاته هو عمْرٌ آخر، فبه يُذكر، فيثنى عليه، فيكون سبباً لعفو الله تعالى عنه، ويدعى له بسببه فيقبل الله تعالى دعوة الداعين ويكرمه بحسن المآب، ويعمل الناس بعلمه أو ما تركه من خير لوجه الله فيجري له ثواب العاملين، كأنه لم يزل يعيش ويعمل.

٩–ابدأ بعمل إنجاز حتى وإن كنت تظنه بسيطاً فكل إنجاز وإن كان بسيطاً فإنه سيولد لديك دافع لإنجاز ما هو أكبر وأعظم وبذلك تكون قد تغلبت على ذاك الركود بداخلك
١٠– لا الطعام ولا الشراب ولا النوم ولا غيرها من تلك الصفات التى يتمتع بها البشر ليست دليلاً على العيش ولا برهاناً على أننا أحياءٌ نُرزق،بل الأثر الجيد هو الذى يخبر الناس عن كونك موجوداً أو كان موجوداً يوماً..

١١-كلكم ذكرى فجملوها…أينم حللتم أتركوا أثر جميلاً…سواءكلمة طيبة، اومعاملة حسنة ..او خُلقاً كريماً، اومكاناً نظيفاً…رائع ان تترك اثرا حولك بطريقة كلامك’ ضحكتك ‘اخلاقك…
١٢– معظم هؤلاء العظماء الذين خلَّدوا ذكرهم فى تلك الحياة كانوا قد مروا بمراحل من التجربة ثم الاخفاق والفشل ولكن تلك العزيمة الكبيرة والشعور الداخلى بأنهم سيصلوا قريباً إلى غايتهم كانت تدفعهم دفعاً إلى القمة وبذلك أصبحت أسماءهم بارزة يتحاكى بها القاصى والدانى..
١٣– تسلق إلى القمة بكل ما أوتيت من قوة حاول أن تبذل قُصارى جُهدك للوصول إن كنت قد سقطت مرة فعليك أن تقوم مسرعاً وتنفض عنك غبار الأيام الذى تراكم عليك ولا تستسلم ولا تترك لليأس مكاناً بداخلك ليتسلل إليك،أغلق كل أبواب اليأس وأفتح أبواباً جديدة من الأمل وخلد ذكرك واترك لك أثراً لا يزول فى تلك الدنيا واجعل شمسك تُنير عتمة الحياة!

الخلاصة

أن كل انسان منا فى نهاية كل مرحلة من مراحل حياته او عند انقضاء مهمته وعمره ماهو إلا ( سيرة )..قد ينسى بعدها كانه لم يكن موجودا…ولم يشغل هذه الوظيفة او يعيش هذه المرحلة .لانه لم يترك اثرا يذكر به ولم يجتهد فى ان يسطر له تاريخا يرتبط به …وقد يذكر بالسوء او باللعنات او بالتندر ..لما تركه من اثار سلبية وكوارث ارتبطت به ..
فما اجمل ان يذكر الانسان بالخير وبالانجازات وبالمواقف الطيبة و بالدعاء له عن ظهر الغيب وبالرحمات لما تركه من الاثر الطيب ..
جمعتكم طيبة مباركة

ا.د / ابراهيم حسينى درويش
‎‎





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى