الدكتورة مرفت صدقى تكتب : الفقر الرقمى والمرأة الريفية فى عصر الذكاء الاصطناعى
الذكاء الاصطناعي اصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية فى الكثير من الدول ، حيث يساهم في تحسين العديد من الجوانب الاجتماعية والاقتصاديةوالبيئية ومع ذلك، يظل الفقر الرقمي أحد التحديات العظمى التي تواجه العديد من المجتمعات، وخاصة في المناطق الريفية.
والمرأة الريفية تعاني بشكل خاص من الفقر الرقمي، مما يعوق فرصتها في اقتناص الفرص الاقتصادية حيث اصبح الشمول المالى والتحول الرقمى وجهان لعملة واحدة مرتبط بكيفية الوصول لتلك الخدمات عبر المعرفة والمهارة الرقمية.
وفي هذا السياق يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا محوريًا في تقليص هذه الفجوة الرقمية وتعزيز تمكين المرأة الريفية. من خلال تقديم حلول تقنية مبتكرة وتعزيز الوصول إلى الموارد والمعلومات التى تعمل على تحسين مستوى معيشتها
والفقر الرقمي يشير إلى تفـاوت القـدرة بيـن أفـراد المجتمـع علـى الوصول والامتـلاك للتجهيـزات التقنيـة والفنيـة للدخـول علـى شـبكة الانترنـت واسـتخدامها والوصول الى التكنولوجيا الحديثة مثل الكمبيوتر والهاتف الذكي، وأولئك الذين لا يملكون هذا الوصول بسبب القيود المالية، والجغرافية، والتعليمية، أو الاجتماعية. وهذا النوع من الفقر يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، لأن الأشخاص الذين يعانون من الفقر الرقمي غالباً ما يجدون صعوبة في الوصول إلى المعلومات، والخدمات ، وفرص العمل ومن ثم تحسين مستوى المعيشة
وعن النساء في الريف غالبًا ما تعانين من الفقر الرقمي بشكل مضاعف بسبب عدة عوامل اهمها الامية التقليدية من عدم معرفة القراءة والكتابة مما يؤثر على قدرتهن على استخدام التكنولوجيا ثم الوصول المحدود إلى الإنترنت والانتقال الى عامل القيود الاقتصادية حيث شراء أجهزة الكمبيوتر ودفع تكاليف الإنترنت رفاهية غير مطلوبة لدى الكثير من الأسر في المناطق الريفية
تحقيق التمكين الاقتصادى
وعن اهم المتغيرات لمعاناة الريفيات من الفقر الرقمى هو الأدوار المتعددة للنساء فهن المسؤولات عن الأعمال المنزلية والرعاية داخل المنزل والعديد من الادوار الانتاجية بالمنزل والحقل ايضا، مما يحد من وقتهن وقدرتهن على الرغبة فى التعلم واكتساب مهارة جديدة تعمل على محو الامية الرقمية لديهن لفتح معابر جديدة لتحقيق التمكين الاقتصادى، ايضا القيود الثقافة قد تواجه النساء حواجز ثقافية واجتماعية تحول دون استخدامهن للتكنولوجيا .
ولمكافحة الفقر الرقمي، هناك حاجة إلى جهود متعددة المستويات تشمل تحسين البنية التحتية للإنترنت، برامج التعليم والتدريب التقني وتنمية القدرات للنساء، دعم الوصول إلى الأجهزة التكنولوجية عن طريق بعض المبادرات المخصصة للنساء، وتغيير الأنماط الثقافية والاجتماعية التي تحد من استخدام النساء للتكنولوجيا
في هذا السياق، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة قوية للمساعدة في تقليص هذه الفجوة. من خلال تطوير تطبيقات وبرامج تعليمية عن بعد تعتمد على الذكاء الاصطناعي، حيث توفير فرص تعليمية مخصصة تلبي احتياجات النساء الريفيات وتساعدهن على اكتساب المهارات اللازمة لزيادة دخلهن .
تحسين خدمات الصحة والتعليم والزراعة في المناطق الريفية
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين خدمات الصحة والتعليم والزراعة في المناطق الريفية، مما يعزز من جودة الحياة ويزيد من فرص التنمية المستدامة.
حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير منصات تعليمية تفاعلية توفر محتوى تعليمي مما يسهل الوصول إلى التعليم للنساء اللواتي قد يواجهن حواجز اجتماعية وثقافية للانتقال والتواصل .
و يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم النساء الريفيات في مجال الزراعة من خلال توفير بيانات دقيقة حول المناخ والتربة والمحاصيل، مما يساعدهن على اتخاذ قرارات زراعية أكثر فعالية وزيادة الإنتاجية. وفتح منافذ للبيع حيث التسويق قديما وحديثا احد اهم العقبات امام النساء التى تعمل بقطاع الزراعة ومن ثم يمكن أن يسهم في تحسين الدخل الاقتصادي للنساء الريفيات.
ونشر ريادة الاعمال للنساء بقطاع الزراعة وتوفير معبر لكيفية الوصول الى الخدمات المالية والتى تعد من احد اهم تحديات النساء الريفيات وهى كيفية الوصول الى مصادر التمويل وبداية مشروع جديد وبداية تكوين جيل جديد من رائدات الاعمال بقطاع الزراعة لتقليل الفقر والمساهمة بتحقيق الامن الغذائى وتمكين النساء.
وبنهاية الامر يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانيات هائلة لتحسين جودة حياة المرأة الريفية وتقليص الفقر الرقمي. ولكن من يستطيع أن يسمح بمرور ادوات الذكاء الاصطناعى لتحسين جودة حياة النساء والسماح لهن بالاستفادة من تلك الادوات هو العقل البشرى لهذا يجب العمل على تنمية الثقة بالذات انهن قادرات على النجاح فى ظل بيئة اجتماعية داعمة لهذا
ا.د.مرفت صدقى
استاذ دكتور بقسم المرأة الريفية معهد بحوث الارشاد والتنمية – مركز البحوث الزراعية – مصر