أخباراقتصاد أخضرمقالات

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : التصحر والأمن الغذائي متغيران متنافسان

الأمن الغذائي هدف البلدان، وهو متغير تحكمه قيود اقتصادية (اسعار السلع والموارد محلياً وعالمياً) وطبيعية (المناخ والبيئة ونوعية الموارد)

الرغم من توافر الموارد الطبيعية وتنوعها للانسان العربي الا انها تتميز بهشاشتها كنتيجة للظروف البيئية القاسية من حيث المناخ الجاف والتربة غير الخصبة الناتج عن الاستغلال العشوائي والجائر عبر حقب طويلة ادى الى تدهور الارض الزراعية وتملحها وتدهور الغابات والمراعي وتقلص التنوع الحيوي وانجراف التربة وتعريتها ونشوب ظاهرة التصحر التي تعد من اهم المشاكل التي ظهرت في العقدين الاخيرين وذلك للتأثير السلبي الذي خلفته على كافة الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية .
وبدا متغير التصحر منافس شديد لمتغير الامن الغذائي، حيث بشدة الاول يتناقص تحقق الثاني والعكس صحيح ، فكلما استشرت مشكلة التصحر كلما قلت فرص تحقيق امن غذائي مستقل ، وامراً كهذا دفعنا الى الدعوة إلي وقف هذا التدهور.
والتصحر بانه تدهور الاراضي في المناطق الجافة وشبه الجافة والجافة شبه الرطبة الناتج عن الانشطة البشرية والاختلافات المناخية، وتشمل الارض في هذا المفهوم التربة وموارد المياه وسطح التربة والغطاء النباتي.
وان التصحر ينبغي ان ينظر اليه كانهيار في الميزان الهش الذي سمح لحياة النبات والانسان والحيوان بان تنمو في المناطق الجافة وشبه الجافة وتلك الجافة شبه الرطبة” ويمثل هذا الانهيار في التوازن وفي العمليات الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية كبداية لعملية من التدمير الذاتي لجميع العناصر في نظام الحياة. ومن ثم كان ضعف التربة ازاء التآكل بسبب الرياح والماء، وانخفاض منسوب المياه، والاضرار بعملية التجدد الطبيعي للنبات، والتدهور الكيميائي للتربة، وهذه جميعها نتائج مباشرة للتصحر.
ولهذا التصحر آثار تنعكس بشكل انخفاض انتاجية الانظمة البيئية المتصحرة سواء كانت مراعي طبيعية او غابات او اراضي زراعية وقد دلت الدراسات الى ان انتاج الهكتار من الحبوب في المناطق الجافة والهامشية التي تعرضت لمخاطر التصحر قد انخفض بشكل واضح وازدادت اعداد الحيوانات بالنسبة للحمولة الرعوية (طاقة المراعي) وانخفاض انتاجية قطعان الماشية
وهناك من الاثار الاجتماعية للتصحر متمثلة بتسارع هجرة سكان الريف والرعاة والبدو الى المدن طلبا للرزق بعد ان انخفض انتاج اراضيهم وتحول جزء منها الى صحراء او شبه صحراء .
كما يؤدي التصحر الى مجموعة من الاثار البيئية المحيطة بالانسان متمثلة بتلوث الجو بالغبار والتربة والتغير في المناخ المحلي على المدى البعيد حيث الارتفاع في درجات الحرارة وتقلص التنوع الحيوي .
وهذه الاثار البيئية والاجتماعية السيئة للتصحر تتماشى طردياً مع آثار اقتصادية سلبية هي في صورة انخفاض في انتاجية المزارع وتناقص مستمر في دخله وضعف في قدرته على الادخار ومحاولة الولوج الى اساليب الانتاج الحديثة.
وهذا يؤثر بدوره على الناتج المحلي الزراعي ومساهمته في الناتج المحلي على مستوى الاقتصاد القومي وتحميل الدولة اعباء سد العجز في الغذاء عن طريق الاستيراد والذي لا يخلو من ضغوط سياسية قد تهدد الامن الاستراتيجي، وبدون تدارك الامر لتخفيف اثار الجفاف والتصحر لايمكن تحقيق الامن الغذائي المستقل عن التبعية وفقدان التحكم بكل من المصير الاقتصادي والاستقلال السياسي .
ومما لاشك فيه ان الموارد الطبيعية معرضة لخطر التدهور، وحيث يتسم النظام البيئي بها بالهشاشة وتعاني من ظاهرة تراجع الموارد الطبيعية بصورة تبعث على القلق.
فان المناطق الجافة تشغل جانباً كبيراً او مؤثراً يقارب حوالي 60% من مساحة مصر، فيما تشغل الصحاري ثلثي المساحة الكلية، وواقع الامر ان ما تعاني منه في الوقت الحاضر من مشاكل بيئية متمثلة بالتصحر والزحف الصحراوي والتغيرات المناخية والجفاف.


:
دكتور/ علي عبدالرحمن
نائب وزير التجارة الأسبق





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى