أخباررئيسيمقالات

الدكتور على عبد الرحمن يكتب : التجارة الداخلية والأسواق المحلية .. السياسات والأهداف وأسباب الفشل

ما يشهده الاقتصاد المصري خلال الفترة الأخيرة من تصاعد لضغوط قوى الاحتكار المحلية أو قد تكون خارجية بصورة تشكل اعتداء صارخاً على توازنات الاقتصاد وآمنة وسلامته، وعلى حقوق المستهلك الأصيلة باعتبارها دعامة اقتصاديات السوق والحرية الاقتصادية ، لابد وأن تدفع لدخول قضايا الاحتكار والممارسات الاحتكارية الضارة إلى بؤرة دائرة الاهتمام العام، ويضاعف من أهمية ذلك العديد من الممارسات الاحتكارية للشركات الدولية متعددة الجنسيات والتي تتم منذ سنوات مضت ومرت مرور الكرام بغير مراجعة وبدون تدقيق أو تمحيص.

ويمكن القول بقدر كبير من الثقة أنه قد أصبح هناك اتفاقا عاما واقتناعا متزايد من قبل كافة الأطراف المعنية ( سواء على المستوى الأكاديمي أوالحكومي أو الشعبي) أن الأوضاع التسويقية في مصر بصفة عامه تعانى من العديد من مظاهر التخلف ونواحي القصور وتدنى الكفاءة. وانعكس ذلك سلبيا على الاقتصاد القومي العام وعلى الأحوال المعيشية والاجتماعية لمختلف فئات المجتمع .

لذا فإن عيوب السوق وتخلف نظام التجارة الداخلية يمكن أن تشكل معوقا أساسيا يحول دون تحقيق معدلات النجاح المنتظرة لجهود الإصلاح الاقتصادي، ويؤدى إلي تأخر ظهور آثاره الإيجابية وإلي سوء توزيع عوائده بين مختلف فئات المجتمع.

ويعانى المستهلكون في مصر من الكثير من الأوضاع الاحتكارية التي بدأت تسيطر على إنتاج وتسويق الكثير من السلع. ولتفادي تلك المشكلات، يجب الاهتمام بعمليات الإصلاح السوقي لتهيئة الظروف المواتية لنجاح برامج وسياسات الإصلاح الاقتصادي وتعظيم عوائدها الإيجابية والحد من أثارها السلبية، وتتمثل الأضرار الناشئة عن الممارسات الاحتكارية فيما يلي:
• ارتفاع أسعار السلع بما يتجاوز قدرات نسبة كبيرة من المستهلكين، وينجم عن ذلك حرمانهم من السلع كليا أوجزئيا، وبالتالي حدوث خلل في السلوك الاستهلاكي، وتنامي درجات الكساد لتلك السلع مما يسبب خسارة قومية وإهدار للرأس المال القومي.
• أن يحجب المحتكرون سلعة ما عن السوق، يسبب في افتعال أزمة اختفاء السلعة كليا أوجزئيا، وفي كثير من الحالات يندفع المستهلكون إلي شراء بأكثر من حاجتهم تحسبا لاستمرار الأزمة، فيزداد بذلك حجم الكميات المطلوبة وارتفاع سعر تلك السلعة، وبالتالي عدم استقرار الأسواق.
• ضعف الاهتمام بتدنيه التكاليف وتحقيق الكفاءة الاقتصادية نتيجة غياب المنافسة وإمكان فرض أسعار، ويعني ذلك تخلف وسائل الإنتاج وتعرض عمليات الإنتاج لتوالي ارتفاع الأسعار بما ينعكس بصورة شبه كاملة على الأسعار بأعباء إضافية على المستهلكين، وقد يكون هذا الأمر أحد أسباب فشل وحدات القطاع العام منافسة إنتاج القطاع الخاص نتيجة ارتفاع التكاليف بها وعدم اهتمامها بتخفيضها بينما هي تتمتع بأوضاع احتكارية.
• تثبيط همم صغار المستثمرين من خلال ممارسات المحتكرين لإبعاد صغار المنافسين من الأسواق بوسائل مختلفة، مثل معاناتهم في أسعار المستلزمات أوالدعاية المضادة لمنتجاتهم أو التواطؤ ضدهم وغير ذلك، ومن جهة أخري فالأنشطة الاقتصادية الصغيرة التي تواجهه في تصريف منتجاتها احتكار المشتري وتحكمه في الأسعار تتعرض لمشكلات قد تؤدى إلي توقفها تماما.
• ضعف الوضع التنافسي في الأسواق واتصافها غالبا بالأوضاع الاحتكارية أوشبه الاحتكارية، مما يؤدي إلي ارتفاع الأرباح الاحتكارية التسويقية التي لا تمثل فقط خللا في هيكل التوزيع الاجتماعي للدخول، وإنما الأهم من ذلك آثارها السلبية العميقة على كل من المستهلكين والمنتجين، فهذه الأرباح تستقطع بشكل مباشر من دخول كل من هاتين الفئتين فتمثل مزيدا من تدني الدخول الحقيقية للمستهلكين، كما تمثل من جهة أخرى انتقاصا مباشراً لعوائد المنتجين، ومن ثم ضعف مستوياتهم المعيشية وضعف قدرتهم على تطوير الإنتاج كما ونوعا، فضلا عن استجاباتهم غير الصحيحة أوالمناسبة لظروف الأسواق،الأمر الذي يساهم في الحالات الشائعة من التقلبات السوقية الحادة والأزمات التسويقية المتكررة لكثير من السلع وبخاصة السلع الزراعية.
• استغلال القوى الاحتكارية المحلية قيام الحكومة بحمايتها من منطلق حماية المنتج الوطني، بفرض رسوم إغراق على الواردات من السلع المحتكرة من قبل بعض المحتكرين ، ويؤدى ذلك التحيز ضد التصدير، كما يتيح فرض حماية للمنتج الوطني في غير محلها.

التجارة الداخلية:

التجارة الداخلية هي عبارة عن مجموعة المؤسسات والمنظمات العاملة في مجال التجارة، ويحكمها بعض السياسات والتشريعات التجارية التي تساهم في تحقيق أهداف التجارة، مثل السياسات المتعلقة بالإنتاج والاستهلاك وببناء وإدارة المخزون الاستراتيجي والاحتياطي وسياسات الاستيراد والتصدير وسياسات الأسعار والدعم والإنتاج والتوزيع والتراكيب السوقية، وكذا التشريعات والقوانين الحاكمة للأسواق والتشريعات المتصلة بالتجارة بصورة مباشرة وغير مباشرة وتؤثر على مجريات الأسواق وحركة التجارة، وكما في حالة اقتصاديات السوق الحر تلعب آليات العرض والطلب في إطار السوق المفتوح دوراً رئيسيا في توجيه القرارات الخاصة بتيسير الأنشطة التجارية.

وتعتبر البنية الأساسية للتجارة الداخلية أحد المحددات الرئيسية لحجم النشاط التجاري والوصول لدرجة الاستقرار السوقي بوجه عام، وهذه البنية تشمل شبكات الطرق والنقل والمواصلات بأنواعها المختلفة، وطاقات التخزين والتبريد والتعبئة والتجهيز والاتصالات والمعلومات وغيرها من البنية الأساسية التي تساهم في تنمية وتطوير التجارة الداخلية، وعندما يحدث ارتفاع للطاقة الاستيعابية لهذه البنية يوفر الشرط الضروري لأعمال آليات السوق وبالتالي حدوث تدفق مستمر للسلع والخدمات مما يوفر البيئة الملائمة للاستقرار السوقي، وضعف هذه البنية يعوق تدفق السلع والخدمات، وتسبب في فشل أداء الأسواق ويحد من تنمية قطاع التجارة الداخلية، والإخفاق في تحقيق أهداف التجارة الداخلية، وبالتالي يعوق من تنمية قطاع التجارة الخارجية.

ويبدو أن تطبيق نظام الاقتصاد الموجه سابقا في كثير من الدول أعاق لحد ما الإسراع بمعدلات تحرير التجارة وتفعيل آليات السوق نظرا لما ترتب على ذلك من تثبيط النمو المتوازن للتركيب المؤسسي والتطبيقي بين مراحل الأسواق بين المنتج والمستهلك، حيث تكون بعض المراحل أوالوظائف مثل التجهيز وتجارة التجزئة قد نمت بشكل كبير بينما مازال تطور ونمو مراحل الجملة أوالتجميع وما يصاحبها من مراحل الفرز والتدريج أوالتعبئة أو التغليف لم يبلغ المستوى الكفء المناسب. وهذه الاختلالات تحد من الآثار الإيجابية المتوقعة من تحرير التجارة وتفعيل آليات السوق وتنمية الصادرات العربية وفتح أسواقا خارجية للمنتجات العربية يضاف إلى ذلك أن هناك معوقات مرتبطة بكفاءة نظم الرقابة ومرجعها الأساسي ضعف نظم المواصفات بأبعادها المختلفة.
ويعتبر قطاع التجارة الداخلية أحد القطاعات التي تشهد التغيرات في ظل الاقتصاد العالمي الحديث باعتباره القطاع الذي تحدث بداخله تفاعلات قوى العرض والطلب، ويعكس أداؤه إلى حد كبير الطريقة التي تعمل بها آليات السوق، وما إذا كانت السوق تتسم بالتنافسية والكفاءة أم تخفق في تحقيق التوازنات السلعية.

ومع أن ما يجرى في الوقت الحالي من إعداد وتنفيذ تشريعات تتعلق بقضايا الغش التجاري وحماية المستهلك وحماية المنافسة ومنع الاحتكار والإغراق وغير ذلك من التشريعات، يعتبر ذلك جزءاً هاماً من عملية تهيئة المناخ المؤسسي الموائم لمجريات السوق الحر، ويخشى أن ما يتعرض له الأسواق من تقلبات قد يصبح نمطاً سائداً يعصف باستقرار السوق، الأمر الذي يقتضي وضع وتنفذ إستراتيجية متكاملة لقطاع التجارة الداخلية بديلاً للعلاجات الجزئية لبعض أعراض الإخفاق السوقي (Market Failure)، وفضلا عن أن هذه العلاجات يقتصر أثرها على الأمد القصير، فإنها قد تتمخض عن بعض الآثار السلبية على الأمد البعيد. وتهدف التجارة الداخلية بصفة عامة إلى:
• ضمان سلامة السلع المتداولة (غذائية وغير غذائية).
• ضمان استقرار السوق، ومواجهة حالات عدم الاستقرار الخطيرة.
• حماية الطبقات الفقيرة، ودعم بعض الفئات المستهدفة.
• دعم جهود التنمية في قطاعات الاقتصاد الوطني، ورفع درجة التنافسية على الصعيد الدولي.

ولعل هذه الأهداف الأربعة تضع فكرة تنمية التجارة وحماية المستهلك موضع التنفيذ، مع الإشارة إلى أنه لا يقصد بهذه الحماية حصول المستهلكين على ميزات ومكاسب تتجاوز ما تقتضيه التوازنات السوقية الاجتماعية بافتراض سريان الشروط للسوق الحر، وهذا يعنى أن المستهلك سوف تتم حمايته على حساب المنتج المحلى، الأمر الذي يؤدى إلى تشوهات سعريه تهدد الحوافز الإيجابية لدفع عجلة الإنتاج المحلى ومن ثم الإضرار بمصالح المستهلكين في نهاية المطاف.
ويمكن تقسيم السياسات والإجراءات التي يقترح أن تشملها إستراتيجية تنمية التجارة الداخلية، لتحقيق الأهداف المذكورة آنفا في إطار مجموعات ثلاث:
المجموعة الأولى: سياسات تتعلق بالعرض.
المجوعة الثانية: سياسات تتعلق بالطلب.
المجوعة الثالثة: سياسات وإجراءات تتعلق تهيئة المناخ العام.
وتستهدف المجموعة الأولى من السياسات تنظيم العرض وتحقيق الانسياب السهل السريع للسلع والخدمات وضمان حدود سعريه مرغوبة (بين حد أدنى وحد أعلى)، وهذه تضم سياسات المخزون السلعي والاستيراد والتصدير وسياسات توفير السلع الأساسية غذائية وغير غذائية. وهذه سياسات يستطيع قطاع التجارة الداخلية في أي دولة تنفيذها والتأثير بها بشكل مباشر على حركة انسياب السلع داخل السوق، كما تضم المجموعة ذاتها سياسات تؤثر بشكل غير مباشر، مثل سياسات الائتمان التسويقي والتسهيلات التسويقية وتمويل بعض الأنشطة الوسيطة ذات الأهمية الخاصة (بناء مخزون سلعي احتياطي وإستراتيجي)، وإجراءات منع الاحتكار وتشجيع المنافسة، والتي تعتبر من أكثر الأدوات فعالية في ضبط حركة الانسياب السلعي والتنظيم الجغرافي والزمني للعرض، وكذا مواجهة حالات عدم الاستقرار الخطيرة، وتهدئة التقلبات السعرية.
أما المجموعة الثانية، وهي السياسات المتعلقة بالطلب فتستهدف تحقيق إمكانية حصول المستهلكين على السلع بحالة سليمة فضلا عن التركيز على حماية فئات مستهدفة معينة، وتضم هذه المجموعة سياسات وإجراءات تحديد المواصفات وإحكام الرقابة والجودة، ونشر وتعميق الوعي الاستهلاكي على أوسع نطاق (الإعلام والإرشاد الاستهلاكي) وتشجيع أساليب غير تقليدية في التسويق، كما تضم أيضا السياسات المتعلقة بالدعم وحماية الفئات ذات الدخل المنخفض وبعض الفئات المعينة، لاسيما في مجال استهلاك الغذاء مثل برنامج الدعم ، وكما أن تنمية التجارة الداخلية تعتبر هدفاً لتحقيق كفاءة السوق الاجتماعية ، ينبغي أن تكون شريكا أساسيا في المنظومة المسماة بشبكة الأمان الاجتماعي (Nets Social Safety) بجانب المؤسسات التقليدية العاملة في هذا المجال، وما يستتبع ذلك من وجوب إعادة توزيع الأدوار بشكل يكثف من فعالية هذه المنظومة.

أما المجموعة الثالثة: وهي السياسات المتعلقة بتهيئة المناخ العام فتضم تلك المتعلقة بالمؤسسات المساندة في مجالات البحوث (الغذاء المتوازن ـ تنويع المنتجات ـ أساليب جديدة في التسويق)، والمعلومات السوقية والدراسات التسويقية والتنبؤ، والتشريعات (الغش التجاري،حماية المنافسة ومنع الاحتكار، مكافحة الإغراق) والتدريب في مجالات معنية بتلك التي تتعلق بعرض السلع وخدمات ما بعد البيع.

معوقات التجارة الداخلية:

تأتي أهمية التجارة الداخلية في قيامها بضبط الأسواق والاقتصاد القومي، وهذا لا يتأتي إلا في وجود كوادر بشرية مؤهلة لتحقيق ذلك وتوفير المناخ لتحقيق تنمية اقتصادية، إلا أنه هناك بعض المعوقات من أهمها:
• ندرة التخصصات الدقيقة من الكوادر البشرية المؤهلة علميا وعمليا للعمل في مجال تطوير التجارة الداخلية، أيضا ندرة الكوادر البشرية القادرة على دراسة الأسواق وأحوالها وإنتاج السلع المختلفة وتشريعاتها التجارية والرقابية، ومراقبة ما يواكب من متغيرات في الأسواق العالمية، ووجود خلل واضح في سوق العمل المحلي من التخصصات المطلوبة في رقابة الأسواق ومراقبة الجودة والمواصفات القياسية وأحوال التجارة.
• وجود بعض الممارسات التجارية الضارة التي لا تراعي أعراف التجارة ومواثيقها.
• فقدان أساليب ووسائل إحداث الربط والاتصال والتبادل للأسواق.
• وجود بعض الآثار السلبية التي تضر بالسوق في ظل حرية التجارة مثل: الاحتكار بكافة وسائله، والإغراق والكساد والتضخم في الأسواق، والتي لها أثر مباشر على المستهلكين و الأسواق وحركة .

أسباب فشل التجارة الداخلية:

يأتي فشل التجارة الداخلية (اي اختلال العلاقات التجارية بين اطراف التجارة) بسبب العديد من العوامل، ومن اهم تلك العوامل:
• غياب المعلومات الكاملة: أي عدم كفاية البيانات التي تساهم في عملية التبادل التجاري من أسعار وكميات وأنواع والمواصفات وأنواع الأسواق والتوقعات السوقية… وغيرها. ولوحظ أن أي نقص في المعلومات مهما كان حجمه يؤدي إلي إختلال العملية التجارية وفشل الاستثمارات في مجال التجارة.

• غياب الأهداف: والتي من أهمها:

1ـ التنمية وإعادة توزيع موارد التجارة.
2ـ التنمية بأنواعها، يجب مراعاتها عند إجراء عملية التنية في مجال التجارة الداخلية.
3ـ تلبية الحاجات الأساسية للإنسان من مآكل وملبس وتعليم وصحه، مع تأمين مستوي غذائي صحي وآمن.
4ـ السيرة على المخاطر التي تواجه التجارة الداخلية.
5ـ حماية البيئة.
6ـ تنمية الاقتصاد القومي والفردي.
• إهمال المخاطر البيئية:
• غياب المراجعة والتقييم لأداء حركة التجارة الداخلية: ومعرفة مواقع الخلل في مسار التجارة، وبالتالي معرفة الخلل والفشل في حركة التجارة الداخلية.
• عدم ربط قطاع التجارة الداخلية بالقطاعات الأخري: مثل التجارة الخارجية وقطاع التمويل والصناعة والصحة… وغيرها من القطاعات التي تمثل أداة مهمة في مسار التجارة الداخلية.
• عدم ربط التجارة الداخلية بالعالم الخارجي: حيث أن التجارة الداخلية تشمل حركة الصادرات والواردات، والتي تأتي من خارج النطاق المحلي، وبالتالي إن عدم متابعة حركة التجارة الدولية من تطوير في اإنتاج والاستهلاك والاستيراد والتصدير والعلاقات الدولية، يؤدي ذلك فشل التجارة الداخلية.
• غياب التشريعات والحقوق: أي عدم الاهتمام بتنفيذ القوانين المنظمة لحركة التجارة الداخلية، ووجود ضعف في تنفيذ هذه القوانين يشجع علي إنحراف مسار التجارة عن تحقيق الأهداف.

أهدف التجارة الداخلية:

يعتبر الهدف الرئيسي والأساسي للتجارة الداخلية هو تحقيق الاستقرار في المجتمعات اقتصاديا واجتماعيا وبالتالي تحقيق الأمن الاجتماعي والأمن والاستقرار السياسي، وإلي جانب ذلك تحقيق زيادة حقيقية ومتوالية ومستمرة في دخول أفراد المجتمع وزيادة رفاهية الأفراد والمجتمع ، ويتم ذلك من خلال دمج أهداف التجارة الداخلية بأهداف التنمية، وتحقيق الاستقرار السوقي، ودفع حركة التجارة الخارجية من خلال تكاملها مع حركة التجارة الداخلية، وإذا حدث خلل في أحد الأهداف يؤدي ذلك إلي فشل التجارة الداخلية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، كما أن علاج أي خلل يحتاج إلي سياسات متزنة ومبتكرة لتحقيق أهداف التجارة الداخلية، ومن ثم تحقيق أهداف التنمية بصفة عامة وتحقيق الاستقرار السوقي والسلعي وتحقيق زيادة حقيقية ومستمرة في مجال التجارة الخارجية ودفع بعجلة صادرات البلدان إلى الأسواق العالمية وفي ظل منافسة حقيقية.

ومن أهم أهداف التجارة الداخلية:

• تحسين نمو السوق في كافة الاتجاهات، بما يشمل الزراعة والخدمات والمنتجات غير الزراعية.
• وضع قواعد لتغطية عدد من القطاعات الحديثة كالاستثمار والمنافسة وتسهيل التجارة.
• التركيز على التطوير، وتحسين ظروف السوق وذلك من خلال المعالجة الخاصة والتفاضلية لأحوال الدول النامية، بالإضافة إلى ضمان التطوير الذي تروج له الاتفاقيات الجديدة.
• الاهتمام بعدد من قضايا مخاوف المجتمع المدني، وذلك من خلال توضيح قواعد منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق باتفاقات التجارة والبيئة، وإدراج أمور الصحة العامة ومبادئ الوقاية المسبقة.
التجارة الداخلية تهدف بشكل أساسي إلي تحسين الأحوال المعيشية للمجتمع بأسره، وخلق ظروف التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وهوما يوافق اهداف التنمية، وبالتالي فإن تنمية قطاع التجارة الداخلية تهدف إلي تغيير ارتقاء مخطط يشمل النظم الاجتماعية والاقتصادية والبيئية القائمة في المجتمع.

وبالتالي لكي تكون التجارة الداخلية مواءمة لأهداف التنمية، لابد من وجود برامج اقتصادية وانشطة تعمل على رفع كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية المتاحة في المجتمع، والتي تسهم في زيادة صافي الدخل الحقيقي للأفراد. وهذه الأنشطة تتضمن الأنشطة المتعلقة بحجم الإنتاج وخفض تكلفته وتحسين نوعيته وكفاءة تسويقه، وايضا الأنشطة المتعلقة بتوزيع السلع والخدمات التي يحتاجها الأفراد في التوقيت الملائم وبالنوعية الجيدة، ولدي مستويات سعرية مناسبة، تساعد في تكوين مدخرات يمكن توجيهاها للاستثمار داخل المجتمع بما يوفر الفرص أمام نمو اقتصادي متوالي أمام المجتمع المحلي، وزيادة فرص التجارة الخارجية.

الأهداف الملحة لسياسات التجارة الداخلية:

• تجديد النمو وإعادة توزيع الموارد.
• تغيير نوعيات النمو.
• تلبية الحاجات الأساسية للأفراد داخل المجتمع.
• تأمين مستوي غذائي وصحي مستديم.
• حفظ قاعدة المعلومات وتعزيزها.
• تعديل وتحسين الاتجاه التكنولوجي لرفع كفاءة الإنتاج.
• السيطرة على المخاطر التي تواجه مسار التجارة الداخلية، سواء أكانت طبيعية أومن صنع الإنسان.
• دمج البيئة والاقتصاد في صنع وإتخاذ القرار.

• آليات تحقيق أهداف التجارة الداخلية:

ينبغي الإشارة إلى أن وضع إستراتيجية إصلاح التجارة الداخلية، يتطلب تعاون كافة الأجهزة الحكومية وغير الحكومية والتنسيق بينهما لضبط مسار التجارة الداخلية، مع وضع إمكانية زيادة الاستثمارات في قطاع التجارة الداخلية، ولتحقيق أهداف التجارة الداخلية ، يتم من خلال تنفيذ الآليات في المجالات التالية:
1- مجال تحقيق استقرار الأسواق:
• بناء نظام متكامل للمعلومات السوقية، ويمكن الاستعانة في ذلك بالخبرات المتوفرة في الجهات الحكومية والجامعات والقطاع الخاص والاتحادات النوعية.
• إعداد تصور متكامل لإنشاء أكاديمية أومركز متخصص في مجال إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالتجارة الداخلية.
• إعداد تصور كامل لإنشاء صناديق لموازنة الأسعار للسلع الأساسية، وصناديق لرعاية صغار الزراع وصغار المنتجين، لحمايتهم من الأخطار التي تواجههم من أخطار طبيعية، ومن أخطار من صنع الإنسان.
• مراجعة كافة السياسات المطبقة في مجال المخزون الاستراتيجي والطوارئ للسلع الرئيسية.
2- مجال تحقيق عدالة الممارسات التجارية:
بإصدارالمزيد التشريعات الخاصة بحماية التجارة الداخلية، مع مراجعة التشريعات القائمة لرفع أداء التجارة.
3- مجال تطوير أداء الأسواق المحلية:
• مضاعفة الجهود المبذولة لتطوير المواصفات القياسية الصحية والفنية والبيئية للسلع المختلفة.
• تطوير نظم التداول من فرز وتدريج وتعبئة وتبريد ونقل في أسواق الجملة ونصف الجملة، بهدف رفع كفاءتها.
4- مجال البعد الاجتماعي:
• المحافظة على توفير السلع الأساسية بالكميات والأسعار التي تناسب الفئات المحدودي الدخل.
• تشديد الرقابة على تنفيذ سياسات الدعم المختلفة، حتى يستفيد أكبر عدد منها من السكان.
ومن المعروف أن الأدوار الرئيسية للتجارة الداخلية، هو تحقيق استقرار الأسواق المحلية للعرض من السلع الأساسية الغذائية وغير الغذائية، وتفعيل سبل ووسائل تحقيق عدالة الممارسات التجارية، وتطوير أداء السوق المحلى مؤسسياً وتنظيمياً، بالإضافة إلى تعميق وترشيد البعد الاجتماعي وتحقيق حماية المستهلك وتعميق حقوقه وتبصيره بواجباته، ولعل هذه الأدوار جميعها تضع فكرة حماية المستهلك والتجارة والأسواق موضع التنفيذ في إطار مفهوم السوق الاجتماعي، مع ضرورة التنبيه إلى أنه لا ينبغي أن يقصد أن يطغى دور عن دور آخر فمثلاً لا يعنى احتواء مفهوم حماية المستهلك على ميزات ومكاسب لا تتجاوز ما تقضيه التوازنات السوقية الاجتماعية بافتراض توافر الشروط المعروضة للسوق الحر. ومعنى ذلك بالضرورة أن المستهلك سوف تتم حمايته على حساب المنتج المحلى.


الأستاذ الدكتور/ على عبد الرحمن على- أستاذ الاقتصاد والسياسات – مستشار وزارة التجارة والتموين سابقا  ورئيس الاتحاد الدولي للاستثمار والتنمية والبيئة





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى