أخباربيزنس الزراعةخدماترئيسيزراعة عربية وعالميةشركاتمجتمع الزراعةمحاصيلمقالات

الدكتور إبراهيم درويش يكتب : الدولار و القمح.. وقفة لمناقشة الأزمة بالعقل والعلم وليس بالتهكم والشماته

لم يكد العالم ينتهى من أزمة كرونا وآثارها السلبية على اقتصاديات العالم إلا وبدات الحرب الروسية الأوكرانية والتى لم يقتصر آثارها على الدولتين فقط .. ولكن آثارها امتدت إلى جميع دول العالم وأصبحت حرب عالمية ثالثة فى الوضع الحالى على الأقل هى حرب عالمية اقتصادية . وغير متوقع أو معروف ماذا تسفر عنه الأحداث فى الايام والشهور القادمة ..
ومما زاد من آثارها الاقتصادية على العالم أولا. إن روسيا وأوكرانيا مصدر رئيسى فى استيراد القمح يكفى أن مصر كانت تستورد أكثر من ٨٠ من القمح من الدولتين
بالإضافة إلى أنهما مصدر للطاقة وخام الحديد ومنتجات الألبان ..
ثانيا .. الحرب بين قطبين أو معسكرين المعسكر الشرقى بقيادة روسيا والمعسكر الغربى اكورانيا وحلف النيتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية
..وكلا المعسكران يملكان قدرات اقتصادية وعسكرية ونووية هائلة .ولذلك هى حرب تكسير عظام وفرض هيمنة من يسود النظام العالمى ..
وبالتأكيد سيكون الأكثر تأثيرا البلاد النامية والتى معظمها لاتعرف أين تتجه هل تتجه لروسيا ام لأمريكا ومع من تقف وحتى لو وقفت على الحياد تتهم .. بصراحة الوضع صعب جدا على متخذ القرار .. ويحتاج إلى حكمة بالغة فى إدارة الامور فى هذه الفترة العصيبة . خاصة فى ظل دولة بحجم مصر تعدادها أكثر من ١٠٠ مليون نسمة .. وتعتمد فى توفير الغذاء للمواطنين عن طريق الاستيراد ..

والتضخم وارتفاع الأسعار ضرب كل دول العالم وتاثرت بالحرب الروسية الأوكرانية .. ويختلف حجم التأثر وقوته على حسب قدرة الدولة الاقتصادية .. ودرجة اعتمادها على مواردها الذاتية
حتى وصل هذا التضخم امريكا باقتصادها القوى ومع تزايد الاقتراض فيها ازداد التضخم مما جعل البنك المركزى الأمريكى يقوم برفع سعر الفائدة من ٠.٢٥٪؜ الى ٠.٥٠٪؜، ويعتزم تكرار رفع الفائدة حتى تصل إلى ١.٩٪؜ كى يحد من الاقتراض ويشجع على الادخار ويقلل التضخم

تأثير الأزمة على مصر

هذه الخطوة أثرت على جميع البورصات العالمية ومنها البورصة المصرية
وبالتالى الدولة المصرية إذا لم تسرع فى تحركاتها واتخاذ جميع الاحتياطات كان ستكون هناك نتائج كارثية كما قال ماكرون رئيس فرنسا خلال ١٢شهر القادمة .
لأن المستثمرين الأجانب سيجدون أن الاسهل لهم أن يدخروا أموالهم فى بنوك أمريكا بدلا من مخاطر الاستثمار فى دول اخرى ويطلق عليها الاقتصاديون هروب الاموال الساخنة.
وماحدث انعكس سلبا على الاحتياطى و سوق الدولار فى مصر وقل العرض منه وزاد الطلب وطبقا لنظرية العرض والطلب ازداد سعر الدولار ..
ولعلاج هذا الأمر هناك خطط سريعة ومتوسطة الأجل تقوم بها الدولة المصرية وعلينا جميعا أن ندعمها
تقوم على ثلاث محاور هى :
المحور الاول .. ..
العمل على زيادة دخل الدولة من الدولارات
والعملة الصعبة ولذا كان قرار البنك المركزى المصرى بإطلاق شهادات الاستثمار زات العائد ١٨ فى المائة سنويا لتقليل التضخم وتشجيع حاملى الدولارات لتحويلها إلى الجنية المصرى .
– من خلال العلاقات العربية الطيبة
ضخت ثلاث دول عربية ١٢مليار دولار من خلال استثمارات في شركات مصرية لتقليل الاقتراض بقدر الإمكان ..
والعمل على تشجيع الاستثمار بقدر الإمكان . .

المحور الثانى ..
تقليل انفاق أو فقد الدولارات أو خروجه من مصر …من خلال تقليل الاستيراد .من خلال وضع ضوابط وقيود .ومنع استيراد المنتجات التى لها بدائل مصرية.
بالإضافة إلى التعامل بالجنيه المصرى فى شركات الملاحة أو قناة السويس أو مشابه ذلك من إجراءات تحافظ تسمح بزيادة الدولار وتدعم الجنيه المصرى

المحور الثالث :
الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية..والاعتماد على الموارد الطبيعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي الأمن من الغذاء
ولاشك أن القيادة السياسية أولت القطاع الزراعى اهتمام خاص من بداية تولى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى المسؤولية وتأكد أهمية هذا القطاع بعد تفشى وباء كرونا ونادى السيد الرئيس فى أكثر من لقاء بأهمية المحاصيل الاستراتيجية وخاصة محصول القمح
وأثبتت المواقف والأحداث والايام صدق رؤية القيادة السياسى أهمية القطاع الزراعى فى تأمين الأمن الغذائى كأحد مقومات الأمن القومى المصرى .

زيادة مساحة الأراضى المنزرعة

وتنفيذا لرؤية القيادة السياسية تعمل الدولة على زيادة مساحة الأراضى المنزرعة أو بما يسمى بالتوسع الافقى باستصلاح أراضى جديدة مثل الدلتا الجديدة ومستقبل مصر وتوشكى والعوينات وشمال ووسط سيناء خير شاهد على هذا التوجه حتى يمكن إضافة مساحات جديدة وهذا بالطبع يحتاج إلى جهود كبيرة واستثمارات ضخمة ومع ذلك انطلقت فيها الدولة بكل قوة .
كما تعمل الدولة على زيادة إنتاجية وحدة المساحة أو مايسمى بالتوسع الراسى وإدخال أصناف ذات تراكيب وراثية عالية المحصول ومحاصيل تناسب الاجهادات البيئية .وتحسين وخواص وصفات الأراضى القديمة وتطوير نظم الرى وترشيد المياة وتبطين الترع .. وما يهمنا أن نعمل الان على إعادة التركيب المحصولى بمايسمح بزيادة المساحات المنزرعة من القمح حتى لو أدى ذلك إلى تشريع قانونى ملزم (لدورة زراعية مخصوصة لمحصول القمح )حتى نضمن زراعة اكبر مساحة ممكنه منه

حوافز لتشجيع المزارعين على توريد القمح

وحسنا فعلت الدولة المصرية باتخاذ جميع الوسائل التى تشجع المزارعين على توريد محصول القمح هذا العام واعطاء رسالة. قوية للجميع بأهمية القمح كمحصول استراتيجى تسعى الدولة لزيادة انتاجيته
وفى هذا السياق من المهم تفعيل قانون الزراعة التعاقدية وإعلان الاسعار قبل زراعة المحاصيل .

الأرز محصول مكمل لمحصول القمح

ومن المهم أيضا أن نلفت الإنتباه بأهمية زيادة المساحة المنزرعة بالارز هذا العام خاصة من الأصناف التى تتحمل نقص المياه والتى يروى بعدد ريات قليلة مثل محصول الذرة والمزارع لدية استعداد لذلك الاهتمام حيث أنه محصول مهم اقتصادى للمزارع وفى نفس الوقت يقلل من استخدام رغيف العيش على المائدة والذى ينعكس إيجابيا على تقليل الاعتماد على القمح ويوفر منه
علينا أيضا أن نلجأ مرة أخرى إلى خلط دقيق القمح بمحاصيل أخرى ..ونعيد المحاولة بطريقة أكثر انضباطا مثل كمحصول الشعير. والكينوا. والذرة الشامية كمحصول ثنائى الغرض حبوب وعلف .
والعمل على تقليل الفاقد بقدر الإمكان من خلال منظومة التخزين أو التصنيع  و مراجعة منظومة الدعم لترشيد استخدام الرغيف .

ويصاحب ذلك بعض القرارات التى تتخذها الدولة سواء بمنع التصدير أو الاستيراد لبعض السلع طبقا لظروف الوضع ودرجة الاكتفاء من هذه السلع مثل الخضر و الفاكهة والاسماك و الدواجن و مايتبعها من منتجات البيض و الالبان..

والهدف من المحاور الثلاثة هو توفير العملة الصعبة وخاصة الدولار تحسبا
لأى احتمالات مثل طول أمد الحرب الروسية الأمريكية أو احداث أخرى يمكن أن تستجد فى المنطقة والتى تؤثر على أسعار النفط والغذاء
وإلى أن نصل إلى الاكتفاء الذاتى الأمن من المحاصيل الاستراتيجية وفى مقدمتها القمح
ينبغى أن تكون لدينا الدولارات والعملة متوفرة حتى نستطيع أن نشترى بها القمح ..لتأمين احتياجات المواطنين . او تكون قوة لاقتصادنا

ونتيجة السياسة المتزنة للدولة المصرية يمكن لها شراء القمح من دول متعددة غير روسيا واوكرانيا مثل فرنسا وامريكا والهند وكندا والأرجنتين ..

الخلاصة

كلنا فى مركب واحد ووطن واحد ..يحتاج إلى تكاتف الجميع وكل منا يتحمل مسؤوليته أمام الله لعبور هذه الفترة بأقل الخسائر الممكنة ..
ومن المهم أن نعطى رسالة للجمي أن محصول القمح هى الحياة من يملكه فهو يملك خزائن الأرض .. وهو محصول أمن قومى .يحب المحافظة عليه وعدم هدره . والقائه كرغيف مصنع فى القمامة أو كعلف للحيوانات .وكذلك الدولار مهم فى تأمين وشراء الغذاء للمواطنين ..وقوة فى اقتصاد فى دولة .
حفظ الله مصر من كل سوء
وتحيا مصر عزيزة أبية بجهود أبنائها الشرفاء .





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى