تحرص العديد من الدول على الاندماج في كيانات اقتصادية كبيرة كمحصلة للمكاسب العديدة التي تحصل عليها، نتيجة لوفورات الحجم والتخصص الإنتاجي الذي يستند على المزايا النسبية التي تتمتع بها كل دولة من دول التكتل، وهو ما يعمل على رفع القدرة التنافسية لمنتجات هذه الدول، ومن ثم زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل وتقليص معدلات البطالة، بالإضافة إلى المزايا التي تجنيها من وراء تحسن شروط التبادل التجاري وتيسير انتقال السلع والخدمات والأفراد ورؤوس الأموال والمعرفة الفنية.
ونظراً لإختلاف نظام الري في مصر عن نظيره في معظم الدول العربية، ولكون غالبية المساحة المزروعة من الحبوب في مصر إن لم تكن جميعها تعتمد على الري السطحي، فإنه من الصعب افتراض إمكانية الوصول بإنتاجية الهكتار من الحبوب إلى مستوى الإنتاجية الهكتارية في مصر في جميع المساحات المزروعة في كل الدول العربية، والبديل الأقرب للتطبيق والواقع هو إمكانية اقتصار ذلك على الأراضي المروية في الدول العربية الأخرى.
لذا فالأمر يتطلب ضرورة تحقيق التكامل بين جميع الدول العربية لتوفير متطلبات الغذاء خاصةً من الحبوب من جهة والارتقاء بالمستوى التصديري من جهة أخرى، إلا أنه يقابل بالعديد من التحديات التي يسعى الباحث لرصدها، بهدف تقوية القدرة التنافسية لها في مواجهة التكتلات العالمية.
ولتبرير الاختلاف في إنتاجية الهكتار من الحبوب في أهم الدول العربية المنتجة لها والمتمثلة في كل من (مصر، تونس، سوريا، العراق، المغرب، الجزائر والسودان)، فقد أمكن حساب الزيادات الممكنة في إنتاجية هكتار الحبوب، في حالة إذا ما تكاملت الدول العربية فيما بينها في مجال إنتاج الحبوب، وذلك بافتراض إمكانية انتقال عناصر الإنتاج وتبادل الخبرات والمعارف بين الدول العربية، بحيث تصل بمستوى كفاءة العمالة والميكنة الزراعية وكمية السماد المستهلك وكذلك كفاءة الري السطحي ومدى توافره لكافة الدول العربية إلى المستوى الحالي الموجود في مصر.
هذا وتعد إنتاجية الهكتار في مصر من الحبوب الأعلى إنتاجية بين الدول العربية، حيث بلغ متوسط إنتاجية الهكتار من الغلة الحبوبية في مصر نحو 7.67 طن/هكتار كمتوسط لفترة الدراسة (2007-2013)، في حين بلغت تلك الغلة نحو 2.91 طن/هكتار في تونس، يليها في الترتيب كُلاً من سوريا، العراق، المغرب، الجزائر والسودان بنحو 1.46، 1.40، 1.22، 1.08، 0.25 طن/هكتار على الترتيب كمتوسط للفترة (2007-2013)، وترتيباً على ما سبق فإنه يمكن اتخاذ مصر الدولة التي لها ميزة نسبية أعلى في مجال إنتاج الحبوب بالنسبة لباقي الدول العربية محل الدراسة.
نظراً لاختلاف نظام الري في مصر عن نظيره في معظم الدول العربية، ولكون غالبية المساحة المزروعة من الحبوب في مصر إن لم تكن جميعها تعتمد على الري السطحي، فإنه من الصعب افتراض إمكانية الوصول بإنتاجية الهكتار من الحبوب إلى مستوى الإنتاجية الهكتارية في مصر في جميع المساحات المزروعة في كل الدول العربية، والبديل الأقرب للتطبيق والواقع هو إمكانية اقتصار ذلك على الأراضي المروية في الدول العربية الأخرى.
وترتيباً على ما سبق فقد أمكن حساب الزيادات الممكنة في إنتاجية هكتار الحبوب، في حالة إذا ما تكاملت الدول العربية فيما بينها في مجال إنتاج الحبوب، وذلك بافتراض إمكانية انتقال عناصر الإنتاج وتبادل الخبرات والمعارف بين الدول العربية، بحيث تصل بمستوى كفاءة العمالة والميكنة الزراعية وكمية السماد المستهلك وكذلك كفاءة الري السطحي ومدى توافره لكافة الدول العربية إلى المستوى الحالي الموجود في مصر.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن تلك الزيادات ليست بالضرورة هي أقصى زيادات ممكنة، وذلك لأن إنتاجية هكتار الحبوب في مصر لم تصل بَعد إلى أقصى المستويات المُمكنة، فهناك دول أخرى غير عربية قد تجاوزت هذه المستويات، كما أنه لم يؤخذ في الاعتبار تأثير عوامل عديدة، مثل انتشار استخدام التقاوي المحسنة والمبيدات، وغيرها من أنماط التكنولوجيا المختلفة.
وقد أوضح الباحث أنه يمكن زيادة متوسط الإنتاجية الهكتاريه بنحو 25.21 طن/هكتار كإجمالي لأهم الدول المنتجة للحبوب (محل الدراسة) في الوطن العربي، حيث بلغت نسبة الزيادة المتوقعة في إنتاجية الحبوب الهكتاريه في تونس بنحو 3.07 طن/هكتار، كما بلغت في سوريا نحو 3.18 طن/هكتار كحد أقصى، ونحو 5.54 طن/هكتار في العراق كحد، بينما يمكن زيادة تلك الإنتاجية في المغرب بنحو 2.43 طن/هكتار، والعمل على زيادة إنتاجية الهكتار من الحبوب في الجزائر بنحو 0.60 طن/هكتار، ونحو 2.43 طن/هكتار في السودان، ومن الطبيعي أن تتوقف الزيادات الإجمالية في إنتاج الحبوب وتتفاوت من دولة إلى دولة أخري على عاملين أساسيين، هما إجمالي النسب المئوية للفروق الموجبة في الغلة الهكتاريه، وكذلك الفرق بين إنتاجية الدولة ومثيلتها في مصر كدولة رائدة أو متقدمة نسبياً في مجال إنتاج الحبوب، كما اتضح أنه يمكن زيادة إجمالي حجم الإنتاج من الحبوب في أهم الدول العربية المنتجة لها بعد التكامل فيما بينها في مجال إنتاج الحبوب من نحو 42917.56 طن إلى نحو 717113.45 طن، بزيادة قدرها حوالي 674195.89 طن تمثل نحو 94.02% من الطاقة الحالية.
وقد قامت بعض الدول العربية خلال السنوات العشر الأخيرة بتنفيذ مشاريع زراعية في جمهورية السودان، حيث قامت الحكومة السودانية بتخصيص مساحات واسعة من الأراضي لكل من الأردن وسوريا والإمارات، كما بدأت كل من مصر والسعودية والإمارات بالتنسيق مع الحكومة السودانية لإقامة مشاريع زراعية لإنتاج السلع الغذائية في السودان، وخصوصاً المناطق الشمالية التي تتوفر فيها فرص كبيرة لإنتاج القمح، وقد قامت عدد من الشركات الخاصة بتنفيذ مشاريع مماثلة، تضمن إنشاء البني الأساسية اللازمة لهذه المشاريع، وتشير هذه التطورات إلى توفر توجه فعلي للاستفادة من الإمكانات الواسعة التي تتمتع بها الدول العربية لتحقيق الأمن الغذائي.
ومما سبق يتضح أنه يمكن الارتفاع بإنتاجية هكتار الحبوب في كل من (تونس، سوريا، العراق، المغرب، الجزائر والسودان) لتتماثل مع الإنتاجية الهكتاريه لمصر من الحبوب، وزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي لتلك الدول من الحبوب من خلال توفير الأسمدة الزراعية المستهلكة في إنتاج الحبوب وكذلك توفير وتبادل البذور والتقاوي المنتقاة بين الدول العربية محل الدراسة خاصةً وأن (مصر، الجزائر) لهما خبرات جيدة في هذا المجال أدت إلى حدوث زيادات ملحوظة في إنتاجية هكتار الحبوب في السنوات العشر الأخيرة، وضرورة العمل على توفير العمالة الزراعية المدربة، وكذلك رفع نسبة المتعلمين وضرورة تبادل الخبرات في مجال التعليم والبحوث الزراعية ووسائل وطرق الإرشاد الزراعي للمزارعين، ورفع كفاءة استخدام الآلات والميكنة الزراعية والمتمثلة في الحصادات والجرارات الزراعية إلى الدول العربية الأقل كفاءة في استخدام الميكنة الزراعية، فضلاً عن إمكانية التعاون من أجل التشجيع على زيادة الإنتاجية الزراعية من الحبوب وكذلك العمل على ترشيد مياه الري وتطوير نظم الصرف وأساليب الري السطحي المستخدمة في الدول المنتجة للحبوب في الدول العربية محل الدراسة.
___________________________________________________________________________________________________________________________
دينا فاروق عناني – باحث-معهد بحوث الاقتصاد الزراعي-مركز البحوث الزراعية – مصر