

إنبات
تمنيت يوما أن تري عملية الإنبات عن قرب فنمت في حضن بذرة فول وتنثر معها في أرض خصبة ثم تتدحرج معها في شق عميق في أرض سوداء خصبة قوامها كقطعة من الكعك ورائحتها كالخبز الطازج.
تمر عليك عجلات واسنان محراث جرار زراعي بصوت مزعج ومخيف فتدفنك مع البذرة في عمق التربة. يحل عليكم الظلام ويقشعر بدنك من البرد وأنت تحتضن البذرة.
لقد ابتلت حولكم التربة بالماء وتحولت الى طين لزج غمر كل شيء حولك. تظن انك هالك لا محالة وتتعلق بتلك البذرة املا في النجاة.
يمر الوقت عليك بطيء وصعب لعدة ساعات او ايام وانت تبحث عن الأكسجين وتتنفس بصعوبة في هذا الظلام الدامس.
ترتفع درجة حرارة التربة رويدا رويدا ويتسلل اليك دفيء القادم من بذرة الفول. تسمع اصوات تدفق الماء اليها كصوت شلال وهي تمتصه كقطعة اسفنج .
رويدا رويدا تتمدد البذرة وتنتفخ حتى تسمع انفجار كالقنبلة يدفع بك بعيدا عن البذرة. ولكنك تجري نحوها وتتشبث بأغلفتها التى مازالت تتمزق بصوت يشبه صوت الرعد في باطن الارض.
كل شيء حولك يتبدل وبذرة الفول تتململ وتتحول الى كائن مختلف يشبه جني يخرج من مصباح علاء الدين وتخرج منها تراكيب ضخمة ونظيفه كنظافة الشمع تحاول ان تشق الأرض وتتخطي الاوحال الى اعلي واخري تتمدد الى اسفل.
تجد نفسك تقفز على ذلك التركيب المتجه الا اعلى وأنت تبحث عن طوق النجاة لعله يخرج بك من هذا الظلام الدامس. تتعلق بندبة صغيرة على هذا التركيب الصاعد الى اعلى وإذ به يشق الأرض كالصاروخ ليأخذك معه من الظلام الى النور.
فجأة ينقشع الظلام وتري الضوء الساطع الذي يفترش الأرض.
تقفز بسرعة وتجري على الارض وانت تصيح لقد نجوت … لقد نجوت
وإذ بزوجتك توقظك وتقول لك ماذا بك يا عزيزي قم ولا تتأخر فاليوم يوم زراعة الفول في الحقل.