أخبارمقالات

الدكتور محمد الأسيوطى يكتب : مخاطر متبقيات الهرمونات فى اللحوم و الالبان علي الصحة العامة

تعتبر اللحوم والالبان من المصادر الهامة للبروتين الحيواني العالي القيمة ، ويعتمد الفحص بصورة رئيسية على الكشف على الذبائح بالمسالخ ظاهرياً بالعين المجردة بهدف خلوها من الآفات المرضية والحكم على مدى صلاحية الذبائح للاستهلاك الآدمي . ونظراً للزيادة المضطردة في عدد السكان وما ترتب عليه من زيادة استهلاك اللحوم ، أصبح استخدام بعض الأدوية البيطرية ومنشطات النمو ضرورة في تحسين الناتج من اللحوم. وتتميز معظم الأدوية البيطرية وكذلك الهرمونات المستخدمة في هذا المجال بأثرهم التراكمي في أنسجة الحيوانات وعدم تأثرهم بالمعاملات المختلفة التي تتعرض لها اللحوم أثناء االاعداد والتصنيع ، ومن ثم ينشأ الخطر على صحة المستهلك. كما أنه يوجد العديد من المواد الحافظة التي تضاف إلى منتجات اللحوم مثل المواد المالئة والمواد الملونة والتي تدرج تحت المواد المضافة للأغذية والتي تكون لها أثراً ضاراً على صحة المستهلك . وقد أصدرت العديد من الدول القوانين المنظمة لهذه الأمور ، مثلاً منعت المجموعة الأوربية تداول وتصدير لحوم الحيوانات المعاملة بمنشطات النمو فيما بينها ، كما منعت القوانين الأمريكية استخدام داي ايثيل ستلبسترول كمنشط للنمو عام 1972 وكذلك كندا عام 1973 .

إن خطورة المتبقيات الهرمونية في لحوم و ألبان الحيوانات التي تستخدم كغذاء للإنسان، تؤدي إلى خلل في التوازن الهرموني في جسم الإنسان مثل نمو الثدي مبكراً ، حيض مبكر غير طبيعي في النساء وكذلك نضج جنسي مبكر ، وتكمن مشكلة الهرمونات في صعوبة كشفها في التحاليل المعملية ويكون تأثيرها أكبر عند تناول الأطفال لهذه الهرمونات خاصة عند تناول الحليب أو منتجاته.

أنواع المتبقيات الكيميائية في اللحوم و الالبان :

1- منشطات النمو والهرمونات فى اللحوم :.
بدأ استخدام الهرمونات في الولايات المتحدة عام 1947 وخصوصاً في الأبقار والخراف ويطلق على هذه المواد لفظ منشطات النمو. وتستعمل عقاقير الهرمونات للأغراض المختلفة في حيوانات المزرعة. وهرمونات الجنس يوجد منها طبيعياً ( داخلية المنشأ) ، كما يوجد هرمونات صناعية ( خارجية المنشأ). كل الهرمونات الطبيعية والصناعية كانتا في فترة معينة واسعة الاستخدام في عملية إنتاج اللحوم .
هرمونات الجنس الطبيعية داخلية المنشأ ( ايسترادول ، تسترون وبروجسترون) تعرف بأنها مادة سيترودية طبيعية تنتج بواسطة غدد الذكر والأنثى ، وتعتمد الهرمونات في الحيوان على عمر الحيوان والحالة الفسيولوجية للحيوان . حتى الآن التمييز بين الحيوانات غير المعاملة والمعاملة بالهرمونات الطبيعية يمكن أن يجري فقط على أساس كمي وليس كيفي .

هذه الحقيقة اعتمدت على أن هذه الستيرويدات الثلاث تدخل نفس مسلك الأيض . بصرف النظر عما إذا كانت في الأصل داخلية أو خارجية المنشأ. وهكذا فإن الحيوانات المعاملة بالهرمونات الطبيعية يمكن التعرف عليها فقط في حالة إذا زادت مستويات الهرمونات الطبيعية في أنسجتها زيادة معنوية عن تلك الحيوانات غير المعاملة .

نتيجة لسهولة اكتشاف بقايا الهرمونات الصناعية في الأنسجة ، فقد انتقل الاتجاه الأساسي إلى استخدام الهرمونات الطبيعية ( خاصة ايسترادول ) وذلك بسبب صعوبة تمييزها عن الهرمونات داخلية المنشأ ، و هرمونات الستيرويدات الصناعية ( خارجية المنشأ ) أما أن تتشابه بهرمونات الذكر والأنثى الطبيعية ( داخلية المنشأ ) أو لها نفس التركيب هذه الهرمونات لها تأثير على النمو السريع للحيوانات وتعطي بطريقة الغرس في الأذن مما ينتج عن ذلك عوامل منشطة للنمو فترة طويلة ، وعند ذبح الحيوانات تستبعد الأذن لمنع تلوث الغذاء بالعقار المتبقي . مركبات الاستلبينات وزيرانول الصناعية تكون هرمون الذكر ( أندروجين ) .

ونصت توجيهات المفوضية الأوربية 96/23 في 29 أبريل 1996 على :
1 – منع استخدام المواد التي لها فعل الهرمونات التي تستخدم كمنشطات النمو والمداواة ووضع خطوات لتعيين العقاقير البيطرية في المواد الغذائية ذات أصل حيواني .
– 2مسائلة المزارعين والمربين الذين لا يحتفظون بسجلات كاملة للأدوية البيطرية المعطاة للحيوانات التي في عهدتهم. ويجب أن تشمل السجلات : اسم العقار ، الجرعة ، تاريخ إعطاء العقار للحيوان .
– 3وضع خطة جمع العينات والحيوانات التي ترسل للمسالخ تمهيداً للاستهلاك الآدمي .
– 4عدم استخدام عقاقير غير مرخص باستعمالها للحيوانات التي تنتج الغذاء أو ذبح الحيوانات التي تحتوي على بقايا عقاقير أكثر من المستوى المسموح به .
– 5عدم ذبح الحيوان خلال فترة السحب من تناول العقار البيطري .
– 6في حالة وجود علاج غير قانوني يوضع القطيع تحت المراقبة الرسمية مع وضع علامات ميزة على الحيوانات وكذلك العينات .
– 7في حالة وجود بقايا مواد مصرح بها يتعدى الحدود القصوى تؤخذ جميع التدابير لحماية الصحة العامة والذبيحة ومنتجاتها لا تصلح للاستهلاك الآدمي.
2- الهرمونات في الالبان
كثيراً ما يتم إثارة تساؤلات حول سلامة الأغذية دون الإستناد على أدلة علمية ،من هذه الدعاوى ضرورة فرض حظر – كما طلب الكثيرون-على حليب الأبقار المستورد من إحدى الدول بحجــة إستخدام هذه الدولة لأحد مركبات هرمون النمو المصنعة Synthetic Growth Hormoneفي الأبقار الحلوب.
الهرمونات المُفــرزة في الحليب Hormones in the milk
يحتوي حليب الأبقار بشكل طبيعي على عدد من الهرمونات ذات المنشا البروتيني والإستيرويدي. في الأبقار الطبيعية يكون تركيز بعض الهرمونات المُفــرزة في حليب الأبقار قليلاً كما هو مبين بالجدول التالي:


نوع /منشأ الهرمون إسم الهرمون تركيز الهرمون (µg/L )
هرمونات بروتينية
Protein Hormones هرمون الحليب (البرولاكتين) Prolactin 50
الهرمون المحفز للقونادوتروبين (GRH) Gonadotropin Release Hormone 5-1
هرمونات ستيرويدية
Steroid Hormones إيستراديول Estradiol 175
إيسترون Estrone 30
بروجيستيرون Progesterone 30-10
كورتيزون وكورتيكوستيرون Cortisone and Corticosterone 0.6 – 0.2

هــرمون النمو البقري Bovine Somatotropin (bST)
هرمون السوماتوتروبين Somatotropin هو هرمون بروتيني Protein Hormone يُفــرز بواسطة الغدة النخامية Pituitary Gland في كل الثديات.يعتبر هرمون السوماتوتروبين في الأبقار من الهرمونات الرئيسية التي تتحكم في النمو وإنتاج الحليب.
لم تُحدد الآلية التي عن طريقهــا يؤثر الهرمون في كمية الحليب المنتجة إلا أن هناك العديد من النظريات والتي من أهمها:
• يزيد الهرمون من معدل تدفق الدم للضــرع وعليه تزيد كمية المكونات الأولية للحليب الواصلة للضــرع.
• يزيد من عوامل النمو الشبيهة بالإنسيلوين Insulin–like Growth Factors وتحديداً عامل النمو الشبيه بالإنسيلوين-1 IGF-I والذي يلعب دوراً في زيادة الغدد اللبنية و/أو كفاءة الغدد اللبنية الموجــودة أصــلاً.
• يقلل من تصنيع الدهون Lypogensis في الجسم مما يتيح توفر المزيد من الأحماض الدهنية الحرة – (Free Fatty Acids (FFA لعملية الأكسدة في الأنسجة أو صناعة دهن الحليب في الغدد اللبنية بالضرع.
• الحفاظ على النيتروجين Nitrogen Conservation وبالتالي يقل مستوى اليوريا Urea والنيتروجين Nitrogen في بلازما الدم.
وجد الباحثون أن حليب الأبقار يحتوى بشكل طبيعي على كميات من هرمون النمو تتراوح بين 1-10 نانوجرام/مل من الحليب كما ولاحظوا أن تركيز الهرمون في حليب الأبقار التي تمت معالجتها بواسطة الهرمون لم يكن بأي حال أعلى منه في حليب الأبقار التي لم تتلق أي علاج هرموني .
هرمون النمو البقري المصـــنع bST – Synthetic Bovine Somatotropin
في العشرينات من القرن الماضي لاحظ الباحثون أن حقن الأبقار الحلوب بهرمون النمو البقري أدى لزيادة ملحوظة في إنتاجية الحليب إلا أن إستخلاص كمية من الهرمون تكفي بقرة واحدة ليوم كان يحتاج إلى معالجة وتنقية حوالي 25 غدة نخامية. في العام 1979 وبإستخدام تقنية إعادة تركيب الحمض النووي Recombinant DNA Technology قامت شركة أمريكية بعزل الجين الخاص بالهرمون وإعادة تركيبه في باكتيريا إشيريشيا كولاي ك-12 E.coli K-12 ليتـم تصنيع الهرمون تجارياً.
هرمون النمو البقري وصحة المستهلك – Recombinant Bovine Somatotropin and the Health of Humans
خلصت العديد من منظمات الصحة وهيئات الأغذية في مختلف بلدان العالم إلى أن المنتجات الغذائية المستخدم فيها حليب من أبقار تمت معالجتها بواسطة هرمون النمو البقري المصنع آمنة صحياً ولا تمثل تهديداً لصحة المستهلكين.
وهناك الكثير من الأسباب التي تمنع متبقيات الهرمون الموجودة في حليب الأبقار (بشكل طبيعي أو نتيجة المعالجة) من أن يكون لها تأثير فسيولوجي على متناوليها. اول الأسباب هي أن هرمون النمو يتميز بخاصية تميز النوع Species Specific الشئ الذي يعني أن الهرمون البقري ليس نشطاً أو فعالاً في الإنسان وإن تم حقنــه. كما وأن أي كميات من الهرمون يتناولها الإنسان يتم تكسيرهــا في المعدة لأحماض أمينية بواسطة الإنزيمات الهضمية كشأن أي بروتين يتناول عن طريق الفم.وقد أصدرت اللجنة المشتركة من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الزراعة العالمية في العام 1992 تقريراً يبين عدم خطورة تناول أغذية مستخدم فيها حليب من أبقار تمت معالجتها بوساطة هرمون النمو البقري المصنــع.
مخاطر متبقيات الهرمونات فى اللحوم و الالبان علي الصحة العامة؟
1. إن الأضرار التي تنتج عن تناول أغذية تحتوي على بقايا هرمونات بنسبة أعلى من الحدود المسموح بها و هي 0.0 – 1.0 ng/ml طبقا” لمنظمة الصحة العالمية ، تتمثل في سرعة بلوغ الإناث وتأخر البلوغ عند الشباب وضعف القدرة الجنسية عند الرجال أو العقم عند الجنسين، وحدوث تأثيرات ضارة على الأجنة أثناء مراحل الحمل، مشددة على أن استخدام الهرمونات لفترات طويلة تؤدي إلى حدوث أمراض سرطانية مثل سرطان الثدي والرحم والكبد، لصعوبة تحلل الهرمونات داخل الجسم إلى مركبات يمكن أن تذوب في الماء، ما يكون له أثر تراكمي بصفة مستمرة داخل الجسم، ينتج عنه الإصابة بالأمراض السرطانية.
2. ظهور بعض الأورام السرطانية والتي تنتج بسبب حدوث اضطرابات هرمونية نتيجة دخول هذه الهرمونات إلى جسم الانسان دون ان بفرزها الجسم نفسه (سرطان الثدي والرحم والكبد) لصعوبة تحلل تلك الهرمونات داخل الجسم حيث تتحول إلى مركبات يمكن أن تذوب في الماء مما يكون له أثر تراكمي بصفة مستمرة داخل الجسم
3. الهرمونات لها تأثيرا ساما لأنه ينتج عنها مركبات أو مواد أخرى تزيد من إفراز الأنسولين وتعمل على ارتفاع ضغط الدم بالجسم.
4. إن خطورة المتبقيات الهرمونية في لحوم الحيوانات التي تستخدم كغذاء للإنسان، تؤدي إلى خلل في التوازن الهرموني في الجسم، وتكمن مشكلة الهرمونات في صعوبة كشفها في التحاليل المعملية ويكون تأثيرها أكبر عند تناول الأطفال لهذه الهرمونات خاصة عند تناول الحليب أو منتجاته مسببة اضطرابات هرمونية ويكون ذلك التأثير أكبر في فترة الطفولة والمراهقة.
5. لا تشكل منتجات حليب الأبقار أي تهديداً لصحة الإنسان من ناحية محتواها من هرمون النمو البقري المصنع وإن درجت بعض الدول على إلزام الشركات بالتوضيح على البطاقة الغذائية أن الحليب المستخدم في المنتج من أبقار تمت معالجتــها هرمونيــاً .إلا أن إدارة الأغذية والدواء الأمريكية FDA تلزم الشركات بوضع العبارة التالية مع التنبيه السابق:لم يثبت وجود فروقات بين الحليب المستخلص من أبقار تمت معالجتها هرمونياً وتلك التي لم تتلق أي علاج هرموني.

الخلاصة:

ان الهرمونات ومعززات النمو تعمل على زيادة الإنتاج كما وحجما .. الا ان استخدامها خاصة الهرمونات الاصطناعية قد يؤدي الى وجود بقاياها في المنتجات الحيوانية التي تدخل في السلسلة الغذائية وبالتالي احتمالية وجود مخاطر على صحة المستهلك ومن تلك الهرمونات الاصطناعية شائعة الاستخدام (ميلينجيسترول أسيتات – ترينبولون – وزيرانول – داي ايثيل استلبوستيرول Melengestrol acetate, Trenbolone acetate, Zeranol and Diethylstilbestrol)
لذا يجب منع استخدام الهرمونات أو المواد التي لها تأثير هرموني أو التي تستخدم كمنشطات نمو، وتشديد الرقابة الصحية الدورية على مزارع الإنتاج، وفي حالة استخدامها يجب عدم ذبح الحيوان خلال فترة تواجد الهرمون في الجسم، لمدة تصل إلى 120 يوم منذ الانتهاء من استخدام آخر جرعة من الهرمونات للحيوان، وعدم الاستخدام العشوائي لهرمونات النمو في المزارع، مع ضرورة عمل التحاليل اللازمة للحيوانات التي ترسل للمجازر قبل ذبحها، وعدم تناول الدهن لاحتوائه على نسبة عالية من متبقيات الهرمونات وعدم استخدام الشوربة الناتجة عنها في الغذاء.
المراجع
1. American Council of Science and Health. (1990). BST=A Safe, More Plentiful Milk Supply. September 1990.
2. Bauman, Dale E. (1989).”Biology of Bovine Somatotropin.” Advanced Technologies Facing the Dairy Industry: bST. Cornell University. Nov. 10-11, p. 1-8.
3. Campana, W. M., and C. R. Baumrucker (1995). Hormones and growth factors in bovine milk. In: Handbook of Milk Composition. R.G. Jensen (Ed.). New York: Academic Press, pp. 476-494.
4. Collins, S. S., K. E. Belk, H. R. Cross, and G. C. Smith (1989). The EEC ban against growth-promoting hormones. Nutr. Rev. 47: 238-246
5. Etherton, T. D., P. M. Kris-Etherton, and E. W. Mills. (1993). Recombinant bovine and porcine somatotropin: safety and benefits of these biotechnologies. J. Am. Diet. Assoc. 93: 177-180
6. Ferguson, James D., and Andrew Skidmore.(1989). “Bovine Somatotropin – Reproduction and Health.” Advanced Technologies Facing the Dairy Industry: bST. Cornell University. Nov. 10-11, p. 57-66.
7. Gyawu, P., and G. S. Pope (1983). Estrogens in milk. J. Steroid Biochem. 19: 877-882
8. Juskevich, J. C., and C. G. Guyer (1990). Bovine growth hormone: human food safety evaluation. Science 249: 875- 884.
9. Kenney, J., and D. Fallert. Livestock hormones in the United States (1989). Nat. Food Rev. 12: 21-24
10. Koldovsky, O., and W. Thornburg (1987). Hormones in milk. J. Pediatr. Gastroenterol. Nutr. 6: 172-196


د/ محمد سعيد الاسيوطي
باحث أول صحة و سلامة الاغذية
بمعهد بحوث صحة الحيوان – فرع دمنهور – مركز البحوث الزراعية – مصر





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى