أخبارمجتمع الزراعةمقالات

الدكتور إسماعيل عبد الجليل يكتب : فى ذكرى العارف بالله يوسف والى

فى 26 مارس 1992 كتب د. يوسف والى رحمه الله عليه رساله خطيه نصها :
” السيد الاخ الاستاذ الكبير نجيب محفوظ
سمعت من اكثر من صديق الحوار الذى دار مع سيادتكم فى البرنامج الرمضانى ” خارج المنافسه ” ولا جدال ان ماصدر من سيادتكم بشأنى من تقدير اعتز به كل الاعتزاز واعتبره وساما على صدرى افخر به مدى الحياه .. لاسيما انه صدر منكم فى هذه الايام المباركه
والشكر الجزيل مهما صيغت عباراته يعجز عن التعبير عن مدى امتنانى ..وليس لى الا ان ادعو الله عز وجل ان يديم عليكم الصحه لتسعدوا العالم عامه ومصر خاصه بعطائكم

وكل عام وسيادتكم والعائله الكريمه بخير ” ..

نجيب محفوظ

اثارت فضولى تلك الرساله التى شعرت من اسلوب صياغتها موده خاصه تجمع بين طرفيها .. فالناس تتقارب وتتنافر بقدر تشابه وتباعد الصفات الانسانيه المشتركه بينهم وهو مااثار فضولى للأجتهاد فى تحليل اسبابها وبالأخص انها تجمع فى ظاهرها بين نقيضين نجيب محفوظ ابن الحارة المصرية فى الجماليه والحسين وحى بيت القاضى ، ويوسف والى عالم الزراعه ابن الاسره الثريه الاقطاعيه والسياسى الهوى والصوفى الهويه !!! فما الذى جمع بينهما ؟
الصفه المشتركه بينهما هى التصوف الدينى بكل اصوله ومظاهره حيث اعتاد والى رحمه الله عليه صيام يومى الاثنين والخميس اسبوعيا والشهور المباركه رجب وشعبان ورمضان وهو مارواه محفوظ عن اعتياده الصوم منذ بلغ السابعه من عمره وانقطاعه عن الكتابه فى شهر رمضان حتى يتفرغ للعباده والصوم .

بالرغم من التشابه الذى جمع بين والى ومحفوظ فى التصوف الا انهما لم يسلما من الاساءه والافتراء على والى بأنتسابه لأصول يهوديه !! واتهام محفوظ بالتطاول على الذات الإلهية والنبوية فى روايته “أولاد حارتنا”، إلى حد تكفيره واتهامه بالإلحاد والزندقة، والفتوى بقتله !!!

بالرغم ان أديبنا الراحل نجيب محفوظ، هو العربى الوحيد الذى فاز بجائزة نوبل فى الآداب عام 1988، وهو مالم يحظ به غيره حتى الان !! الا انه لم يسلم من حمله ظالمه تشكك فى استحقاقه للجائزه الدوليه المرموقه لكونها ناتج دعم اسرائيل لجهوده فى التنظير ودعم اتفاقية السلام مع إسرائيل !!! بينما برر آخرون سر التكريم الدولى المستحق له لكونه ” رجل السلطه ” بالرغم ان روايات ومقالات نجيب محفوظ كانت ضد تغول واستبداد السلطه مثل روايه الكرنك وميرامار وغيرها بل اضطرت جريده الاهرام الى استبعاد الكثير من مقالاته ورواياته نتيجه انتقاده للسلطه السياسيه .

د. يوسف والى

وهو نفس الظلم والافتراء الذى تعرض له العارف بالله يوسف والى فى حياته التى اختار لها- بأرادته – ان تكون فى خدمه الوطن راهبا بدون اسره فى شقه متواضعه .. ومتبرعا بمستحقاته الماليه للفقراء والمرضى وغيرهم كثيرون !! خرج من الدنيا فى صمت وتواضع كعادته تاركا لوطنه ميراثا هائلا نعيش ثماره الغير مسبوقه الان.. ثلاث ملايين فدان ارض جديده تضاعفت انتاجيتها بفضل البحوث الزراعيه التى نهضت بعصره لمعظم المحاصيل الحقليه وحققت اكتفاءا ذاتيا فى المحاصيل البستانيه والدواجن والاسماك وغيرها ..

لا جدال فى ان كل المشروعات الزراعيه التى نتفاخر بها اليوم نشأت قواعدها وكوادرها بفضل الرؤيه المستقبليه ليوسف والى التى صاغها فى الثمانينات كمشروع الصوب الزراعيه والتكنولوجيا الحيويه وغيرها مما يصعب حصره .
واخيرا ماجمع بين العارفين بالله يوسف والى ونجيب محفوظ هو ظلم مشترك تعرضا لهما تحت قهر السياسه وفسادها !! ولكنهما فضلا التجاره مع الله ..
سطور اكتبها فى ذكرى ميلاد استاذنا وقدوتنا العارف بالله يوسف والى .





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى